post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها
هي ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير العامرية الهلالية، وكان اسمها برة، وسماها رسول الله صلي الله عليه وسلم ميمونة، بايعت بمكة قبل الهجرة. زوجها الأول أبو رهم بن عبد العزى العامري، توفي عنها وهي شابة في السادسة والعشرين.
شقيقتها أم الفضل، لبابة الكبرى بنت الحارث زوج العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول امرأة آمنت بعد السيدة خديجة أم المؤمنين. أخواتها لأمها : زينب بنت خزيمة أم المؤمنين زوج <a href="https://wordpress-1153707-4083331.cloudwaysapps.com/%d8%b1%d8%b3%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87/">رسول الله</a> صلى الله عليه وسلم، وأسماء بنت عميس الخثعمية زوج  جعفر بن أبي طالب وأم ابنه عبد الله، تزوجت من بعده أبا بكر رضي الله عنه فولدت له محمدا، وخلف عليها بعده الإمام علي كرم الله وجهه فولدت له يحيى، رضي الله عنهم، أهل الفضل والخير. ثم سلمى بنت عميس زوج حمزة سيد الشهداء، وأم بنته أمامة التي زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ربيبه سلمة، ابن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها.
أمهن جميعا هند بنت عوف بن زهير أكرم عجوز في الأرض أصهارا: رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق، والإمام علي، وحمزة والعباس وجعفر رضي الله عنهم جميعا.
تبدأ قصة زواج السيدة ميمونة رضي الله عنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء من السنة السابعة، حين دخل المسلمون مكة معتمرين سنة بعد صلح الحديبية، ومكثوا فيها ثلاثة أيام وسيوفهم في القرب. والنبي راكب القصواء يمسك خطامها عبد الله بن رواحة ينشد حاديا :   خلوا بني الكفار عن سبيله        خلوا فكل الخير في رسوله &#8230;
يارب إني مؤمن بقيله&#8230;.. أعرف حق القول في قبوله
ومن ورائه ألفا راكب من المهاجرين والأنصار، دخلوها محلقين رؤوسهم ومقصرين لا يخافون، كما وعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ  لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ  فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا)[1]. فجلَت قريش عن مكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ما فيها منهم من أحد ثلاثة أيام.
حدثت برة بنت الحارث نفسها بأن تكون زوجا للنبي، وأفضت بذلك لأختها أم الفضل زوج العباس رضي الله عنهما، ولم يتردد العباس في حمل الطلب إلى النبي الكريم الذي استجاب وأصدقها أربع مائة درهم، وبعث ابن عمه جعفر ، زوج أختها أسماء، يخطبها، وأنكحه إياها، وليّاً عنها، عمه العباس رضي الله عنهم.
وفي رواية أن برة بنت الحارث هي المرأة التي وهبت نفسها للنبي، فنزل القرآن في شأنها : (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)[2].
قال السهيلي رحمه الله في الروض الأنف : «لما جاءها الخاطب بالبشرى، وكانت على بعير، رمت بنفسها من على البعير وقالت : البعير وما عليه لرسول الله صلي الله عليه وسلم»[3].
وفي مكان يدعى «سرف» قرب التنعيم غير بعيد من مكة، بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في شوال من السنة السابعة وسماها ميمونة، تيمنا بدخوله الميمون إلى أم القري بعد سبع سنين آمنا لا يخاف. ثم قفلوا راجعين إلى المدينة.
والتحقت ميمونة بسيدات بيت النبوة وعاشت في الكنف الشريف رفيعة القدر والمكانة.
روى ابن سعد في الطبقات عن يزيد بن الأصم قال : تلقيت عائشة وهي مقبلة من مكة أنا وابن طلحة بن عبيد الله، وهو ابن أختها. وقد كنا وقعنا في حائط من حيطان المدينة فأصبنا منه فبلغها ذلك فأقبلت على ابن أختها تلومه وتعذله. ثم أقبلت علي فوعظتني موعظة بليغة ثم قالت: «أما علمت أن الله تبارك وتعالى ساقك حتى جعلك في بيت نبيه؟ ذهبت والله ميمونة ورمى بحبلك على غاربك. أما إنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم»[4].
لما كان عام الوفود قدم وفد بني هلال بن عامر، رهط أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، وكان فيهم ابن أختها زياد بن عبد الله فقصد منزل خالته فدخل عليها، فلما دخل رسول الله منزله رآه فغضب. فقالت يا رسول الله إنه ابن أختي، فدخل ثم خرج إلى المسجد ومعه زياد فصلى الظهر، ثم أدنـى زيادا فدعا له ووضع يده على رأسه ثم حدرها على طرف أنفه، فكانت بنو هلال تقول: «ما زلنا نتعرف البركة في وجه زياد مذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه»[5].
ولما اشتد المرض برسول الله صلي الله عليه وسلم كان في بيت السيدة ميمونة، واستأذن أزواجه أن يمرض في بيت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فرحبت بذلك أمنا ميمونة رضي الله عنها. وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهن راض جميعهن.
كانت<a href="https://siraj.net/ar/read?id=1076&amp;page=101&amp;q=%D8%A3%D9%85%D9%86%D8%A7%20%D9%85%D9%8A%D9%85%D9%88%D9%86%D8%A9"> أمنا ميمونة</a> عن رسول الله حافظة متقنة، وهي من المكثرات من بين الأزواج الطاهرات بعد عائشة وأم سلمة رضي الله عنهن. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ستا وسبعين حديثا، أخرج لها منها في الصحيحين ثلاثة عشر، اتفق الشيخان منها علـى سبعة، وانفرد البخاري بحديث واحد. وانفرد مسلم بخمسة. وروى لها الإمام أحمد ثلاثة وستين حديثا.
عاشت أم المؤمنين ميمونة حتى زمن معاوية سنة إحدى وخمسين، وأوصت أن تدفن في سرف مكان قبتها التي عرس بها رسول الله، وصلى عليها ابن أختها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
رضي الله عن أمنا ميمونة وعن سائر أمهات المؤمنين ورزقنا حبهن وتوقيرهن، وصلى الله على سيدنا ومولانا رسول الله وآله وصحبه وذريته وإخوانه وحزبه وعنا معهم بفضل منه وجوده وكرمه، والحمد لله رب العالمين.
[1]  سورة الفتح، الآية 27. [2]  سورة الأحزاب، الآية 50. [3]  الروض الأنف، الإمام السهيلي، الجزء 7، ص 161، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى 2000. [4]  الطبقات الكبرى، ابن سعد، الجزء الثامن، ص 110، دار الكتب العلمية، بيروت، 1990. [5]  الطبقات الكبرى، ابن سعد، الجزء الأول، ص 235، دار الكتب العلمية، بيروت، 1990.

رسول الله صلى الله عليه وسلم

أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها

الأطفال والشباب في سياق رقمي رؤية منهاجية

القوامة والحافظية

معالم السياق العام لقضية المرأة في نظرية المنهاج النبوي

المسؤولية التربوية في نظام الأسرة

الزواج بآدابه الإسلامية وحقوقه

الإحسان إلى الوالدين وذوي الرحم والصديق

المرأة والأسرة

أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

الهداية إيمان بالغيب ويقين بالآخرة

نظرات في رسالة تذكير للإمام عبد السلام ياسين

الجرح الفلسطيني

قصيدة الهمزية «أم القرى» للإمام البوصيري رحمه الله

الأدب مع الله عز وجل

كيف ننجمع على الله عز وجل

مقالات ذات صلة