post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

روى البخاري عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضى الله عنه ـ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ‏«إِنَّ لِي أَسْمَاءً، أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ»[1]
قال صاحب اللسان:
مَحا الشيءَ يَمْحُوه ويَمْحاه مَحْواً ومَحْياً بمعنى أَذْهَبَ  أَثَرَه. تقول: أَنا أَمْحُوه  وأَمْحاه، وطيِّء تقول : مَحَيْتُه مَحْياً ومَحْواً.
والماحي: من أَسماء سيدنا رسول الله ﷺ، مَحا الله به  الكفرَ وآثارَه، وقيل: لأَنه يَمحُو الكفرَ ويُعَفِّي آثارَه بإِذن  الله، يعني يزيلها . تقول :عَفَّتِ الرِّيحُ الأَثَرَ : أَيْ أَزَالَتْهُ وَمَحَتْهُ، وعفى عليه الزمن : تجاوزته الأحداثُ وصار متخلِّفًا قديمًا باليًا.
ومحا الصبح الليل، ومنه قوله تعالى: ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ﴾[2].
 والإحسان يمحو الإساءة، كما في قول رسولِ اللَّهِ ﷺ : «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ»[3].
قال القاضي عياض رحمه الله في الشفا : «وقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّه بِيَ الْكُفْرَ فَفُسّرَ فِي الْحَدِيثَ، وَيَكُونُ مَحْوُ الْكُفْرِ إِمَّا من مَكَّةَ وَبِلَادِ الْعَرَبِ وَمَا زُوِيَ لَهُ مِنَ الْأَرْضِ وَوُعِدَ أنه يَبْلُغُهُ مُلْكُ أُمَّتِهِ. أَوْ يَكُون الْمَحْوُ عَامًّا بِمَعْنَى الظُّهُورِ وَالْغَلَبةِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾»[4].
وقال القاري في شرحه لكتاب الشفا:
«وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّه بِيَ الْكُفْرَ : لم يقل «به» ليعود ضمير الصلة إلى الموصول لأن قصده الإخبار عن نفسه».
وقال الفخر الحرالي : «هو الماحي الذي محا ما لم يكن، وأبقى ما لم يزل، وهو الماحي الأكمل كما هو الأحمد الأتم والمحمد الأحوط.
وكان علي كرم الله وجهه يقول : «اللهم إن كنت كتبتني في أم الكتاب شقيا محروما، فامحني واكتبني عندك سعيدا مرزوقا». فكان ذلك المحو هو وصف هذا الرسول الجامع، وكان هو رسول المحو كما هو رسول الإبداء والثبت، فكما بدأ نوره أول كل شيء، وبدأ كل شيء من نوره فكان فيه عبدا ورسولا، كذلك كان في محو كتاب كلية ذلك الإبداء كله رسولا ماحيا، فثبت به الله عز وجل ما ثبت وأمحى به ما هو ممح. فكان في محوه هلاك كل هالك، وفناء كل فان، وكان في جمعه لذلك جلاء بقاء وجه ربه ذي الجلال والإكرام ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾»[5].
&nbsp;
وأنشد البابي الحلبي مادحا :
وَإِنْ ضِقْتَ ذَرْعًا مِنْ تَعَاظُمِ مَا مَضَى**فَلَا تَنْسَ عَفْوَ اللهِ فَالْعَفْـــوُ أَرْحَبُ
وَلُذْ بِجَنَابِ الْفَـــاتِحِ الْخَــاتِمِ الَّذِي**بِهِ يَطْـــــمَئِنُّ الْخَائـــفُ الْمُتَرَقِّبُ
هُوَ الْعَاقِبُ الْمَاحِي الَّذِي بَزَغَتْ بِهِ**عَلَى الْكَوْنِ شَمْسٌ نُورُهَا لَيْسَ يَغْرُبُ
تَحُلُّ لَهُ الرُّسْلُ الْكِــــرَامُ حُبَـــاهُم**وَإِنْ ذُكِّرُوا فَهُوَ العُــــذَيْقُ المُرَجَّبُ والحبوة ما يحتبى به من ثوب أو غيره  ويطلق على الجلوس احتباء. ويقال : حلَّ له حُبْوَته : قام له احتراما وإجلالا.
والعُذَيق: النخلة يَكْثَر حِملها فيُجْعلَ تحتها دِعَامة وتسمى الرُّجْبَة ويقولون: رَجَّبتُ النخلة، وعِذق مُرَجَّب. ويقال: هو في الكرم كهذه النخلة من كثرة حِملها.
[1]  رواه الإمام البخاري في صحيحه (4896). [2]  سورة الإسراء، الآية 12. [3]  أخرجه الإمام الترمذي (1987)، والإمام أحمد (21392). [4]  الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض، الجزء 1، ص 231، دار الفكر الطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1998. [5]  إبداء الخفا في شرح أسماء المصطفى، الإمام علي بن أحمد الحرالي، تحقيق أحمد المزيدي، ص 212، دار الكتب العلمية، بيروت، 2007.

اسمه الماحي صلى الله عليه وسلم

الربيع النبوي رسالة تذكير

أًسْلالْ نتَمَّنْتْ أَرَسُّولُ الله

تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم؛ محبةً واتباعاً.

تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم؛ محبة واتباعا

التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في خُلُقه

النبي أولى بالمومنين من أنفسهم

التزكية والدعوة

اسمه الماحي صلى الله عليه وسلم

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

الفرح برسول الله ﷺ

محبة النبي الكريم ﷺ

الهداية إيمان بالغيب ويقين بالآخرة

نظرات في رسالة تذكير للإمام عبد السلام ياسين

الجرح الفلسطيني

قصيدة الهمزية «أم القرى» للإمام البوصيري رحمه الله

مقالات ذات صلة