post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

<h1 class="wp-block-heading">سياق الرسالة</h1>



عنوانها يخبر عن فحواها: التذكرة والتذكير في سياق الذكرى التي هي الإسراء والمعراج هذا الحدث العظيم الذي جعله الله عز وجل سلوة وأوسا للمصطفى صلى الله عليه وسلم عام الحزن بعد موت عمه أبي طالب ووفاة زوجه أمنا خديجة رضي الله عنها، ومحنة الطائف. في هذه التذكرة&nbsp; متح لنا الإمام المجدد رضي الله عنه من عبر الذكرى ما به ‏نتأسى ونستعين على نصرة دين الله، تمثلا بما لقيه المصطفى من عنت وشدة، لتثبت الأقدام ‏ويتجدد اليقين ويستأنف المسير قال رضي الله عنه: «ولَنَحْنُ، المستضعفين في الأرض، تألبت علينا قوى الجاهلية من خارج متآزرة مع أنظمة الفتنة من داخل، أحوج إلى تجديد إيماننا بما يتجدد به الإيمان من صحبة في الله وذكر لله وإخلاص وصدق في اتباع سنة رسول الله عليه صلاة الله وسلام الله».<a href="#_ftn1" id="_ftnref1">[1]</a>



ولم يفته وهو يذكر بفضل الجمعة ليلة النور والعطاء والصلاة على المصطفى أن يذكر بفضل قيام الليل والتعرض «لنفحات الله، حين يَغْفُلُ الغافلون ويرقد على وسادة الهوى واستطابة الهوان الـمَهينون»<a href="#_ftn2" id="_ftnref2">[2]</a>.



<h1 class="wp-block-heading">تذكرة ومذكرّة</h1>



الرسالة تذكرة ومذكرة لمن ينسى، وكلنا ينسى، فطبع الإنسان النسيان، وهي كذلك تبصرة للوافد الجديد والوافدة، إن قصرنا نحن في تبليغنا، وطبعنا التقصير، ونفسي الأمارة أعني. نقرأ بين السطور أن البلاغ الحي الشاهد الماثل بالحال هو الأوفى والأمثل وعليه المعول، وما الكلام بعد ذلك إلى تقرير لما وقر في القلب ببركة الصحبة والمخاللة. وهو بعد ذلك حض لنا على التذكرة والتذكير مرة بعد مرة.



‏الرسالة التي مر على كتابتها ثلاثة عقود، على الرغم من صغر حجمها خطرها عظيم وشأنها جليل، فالكلام فيها مركز أشد ما يكون التركيز والقصد، حتى لكأن الكلمات فيها رصت لبنات يشد بعضها بعضا. لخص فيها الإمام ياسين رحمه الله ‏عصارة ما كان بثه في كتبه ودعا إليه. وفي هذا القران الوثيق في خطابه بين العدل والإحسان، بين التبتل ومقارعة الباطل بين التربية والجهاد، يعلنها واضحة جلية ليستقيم الفهم ويزول اللبس «لا ترضى جماعة العدل والإحسان بهدف اجتماعي سياسي دون العدل على شريعة الله، ولا ترضى بغاية تتطلع إليها همم المؤمنين والمؤمنات دون الإحسان»<a href="#_ftn3" id="_ftnref3">[3]</a>.



ضل وفشل من «عمي عن تدبير الله عز وجل وعن حكمته في خلقه، وطفق، معتمداً على حوله وقوته، يزعم تغيير المجتمع، وهو في نفسه هوس، وغفلة عن الله، وإضاعة لحقوق الله، وتنكب لسنة رسول الله، واستخفاف بيوم الفزع الأكبر يوم العرض على الله»<a href="#_ftn4" id="_ftnref4">[4]</a>.



‏كلامه رضي الله عنه لا يغيب عنه أبدا الصدع بالحق ومصاولة الباطل وإغلاظ القول للظالمين. مع التحذير من السقوط في مهاوي مماثلة الباطل وأصحابه، فتسقط النيات ويفسد القصد وتحجب الغاية التي هي إرادة وجه الله ‏والدار الآخرة.



وفي الشق الثاني من الرسالة بيّن وأوجز ما يعجز الواحد منا الإتيان بمثله في تركيزه وشموله وامتناعه، كيف وهو صاحب الشأن والدال على الخير. لخص معاني الخصال العشر ومغازيها، وخرزها خرزا بديعا معنى ومبنى، وساق في هذا البيان الموجز&nbsp; التعريف والتحذير، الأدواء والأدوية. هذه الخصال العشر وما تحتها من شعب الإيمان التي كان قد فصلها في كتاب المنهاج النبوي، ثم عرضها عرضا إحسانيا في كتاب الإحسان، بعد أن كان أصل لها في مصنفه الحديثي &#8220;شعب الإيمان&#8221;، يقول رحمه الله في كتابه الإسلام غدا: «في الخصال العشر أمهات ثلاث هي الصحبة والجماعة، والذكر، والصدق، والسبعة الباقية مظاهر تطبيقية لمن جمع الخصال الثلاث الأمهات واقتحم الصعوبات الثلاث المقابلة لهن. فالخصلة الأولى من الخصال العشر تقابل طاغوت الأنانية الفردية، والخصلة الثانية تقابل طاغوت العقل، والثالثة تقابل طاغوت العادة»<a href="#_ftn5" id="_ftnref5">[5]</a>.



<h1 class="wp-block-heading">الخصال العشر</h1>



الصحبة والجماعة: «الصحبة في الله محبة في الله وتآخٍ وتراحم، والجماعة تنظيم. فلا يمكن أن تجابه قوى الكفر والظلم وأنت شتات ورفات. ويختصم التنظيم وضوابطه ومسؤولياته مع ليونة تأليف القلوب فلا يثبت في الميدان إلا كل قوي الإيمان&#8230;&nbsp; ولكن طريق التحاب في الله يعترضه حب الرئاسات، وقلة الخبرة والعلم بأساليب الرفق والرحمة»<a href="#_ftn6" id="_ftnref6">[6]</a>.



الذكر : «الذكر توحيد المعبود، وإفراده بالعبادة، والمواظبة على العبادة، والخشوع في العبادة»<a href="#_ftn7" id="_ftnref7">[7]</a> و«إنه سوء تفاهم فظيع إن كان يتوق إلى العدل والإحسان من لم تتم يقظته القلبية، أو هب هبة ثم نام، أو عثرت به عاثرة فما نهض ولا استقام»<a href="#_ftn8" id="_ftnref8">[8]</a>.



وبعد أن ذكر بيوم المؤمن وليلته وعاتب من قرأ الورقة ومر، حذر وتبرأ : «إنه عمرك ! إنها قضيتك ! إنه قبرك ! إنه بعثك ! إنها جنتك أو نارك ! إنه ربك !»<a href="#_ftn9" id="_ftnref9">[9]</a>.



الصدق : «ما جماعة العدل والإحسان والحمد لله إلا كالماء الذي يدفع عن نفسه. فلا مكان بيننا لأخس الخلق الجبناء المنافقين. برهنت مواقف العدل والإحسان -والمنة لله- أن الصدق ومواجهة الظلمة مزايا لم يفتتها الترهيب ولا الترغيب. لكن أُذَكِّرُ فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وللهوى والشيطان مداخل ومسارب. أعاذنا الله. أجارنا الله»<a href="#_ftn10" id="_ftnref10">[10]</a>، وهذه الثلاث هي الخصال العضوية الأمهات، شروط التربية، أو الشروط المخبرية كما كان يسميها الإمام رحمه الله ورضي عنه.



البذل: أولى خصال التمثل أو الخصال العملية التطبيقية بعد خصال التربية: «البذل عطاء وسماحة وكرم ومساعدة وخدمة وفُتُوَّة. مُقابلَ أنانية المستكبرين والترفّعِ، والتنطعِ، والحرصِ الجشع، والصمم عن بؤس البائسين، وحاجة المحتاجين. المعادن الخِسيسة لا تعطي، إنما تطمع. لا تُواسي، إنما تلتوي وتتقاعس. لاتهُبُّ لنجدة، إنما تتدثر بردَاء عافية الجُبناء العاقِّين»<a href="#_ftn11" id="_ftnref11">[11]</a>.



العلم : «العلم ما قربنا إلى الله، وما بصرنا بمصيرنا إلى الله، وما دلَّنا على واجباتنا من قِبَل الله، وما رسَّخ خطانا اتباعا واحتراما لسنة رسول الله. ثم العلم والفقه في أصول الدين وفروع العبادات. ثم العلوم الآلية الضرورية في الحياة»<a href="#_ftn12" id="_ftnref12">[12]</a>.



العمل : «الإيمان تصديق بالجنان، وشهادة باللسان، وعمل بالأركان. الذين آمنوا إنما يعرفون بالعمل الصالح&#8230; ساعون للآخرة سعيها وهم مؤمنون، أولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب. وساعون لنيل رضى الله والفوز بالقرب من الله، والنظر إلى وجه الله، أولئك هم المحسنون. والله يحب المحسنين»<a href="#_ftn13" id="_ftnref13">[13]</a>.



السمت الحسن : السَّمْت مظهر ومثل،&nbsp; و«تميُّز شكلا ومضموناً عن مظاهر الجاهلية ومخابر الفتنة.. وأن تكون لغة خطابنا ومعاني مذهبنا تمْتَحُ من معين القرآن&#8230; إن لم نَحْتَرِز في التميُّز نجد نفسنا يوما وقد ذُبنَا في جسم الجاهلية وغُصنا في مَرَق الفتنة»<a href="#_ftn14" id="_ftnref14">[14]</a>.



التُّؤدَةُ : «التُّؤدة صبر ورِفق وطولُ نفس، وتحمّلٌ للأذى. أولئك الذين يحبهم الله ويحبونه قوم أذلةٌ على المؤمنين أعزةٌ على الكافرين»<a href="#_ftn15" id="_ftnref15">[15]</a>.



الاقتصاد:&nbsp; «توسُطٌ رفيق، وسير حثيث، وخطىً في الدنيا لا تزيغ بك عن قصدك الأخروي ومطلبك الإحساني»<a href="#_ftn16" id="_ftnref16">[16]</a>.



الجهاد : «جهاد البناء مطاولة تنْقُضُ معاقل الكفر وصروحَ الباطل في الديار لتبني جيلا وعقلية، وإيمانا، ونمط حياة، ومقوِّمات حياة.. وما مطلب الآخرة ومطلب وجه الله بالتي تُنال على الهوان والمسكنة والدروشة ومهادنة الباطل»<a href="#_ftn17" id="_ftnref17">[17]</a>.



اللهم ارفع قدر الإمام ياسين واجعله في أعلى عليين مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، واكتبنا في صحيفته من المحسنين فضلا منك ونعمة. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن والاه. والحمد لله رب العالمين.



<figure class="wp-block-embed is-type-video is-provider-youtube wp-block-embed-youtube wp-embed-aspect-16-9 wp-has-aspect-ratio"><div class="wp-block-embed__wrapper">
<iframe loading="lazy" title="رسالة تذكير | الإمام عبد السلام ياسين" width="500" height="281" src="https://www.youtube.com/embed/CRG9dvaS26A?start=1183&#038;feature=oembed" frameborder="0" allow="accelerometer; autoplay; clipboard-write; encrypted-media; gyroscope; picture-in-picture; web-share" referrerpolicy="strict-origin-when-cross-origin" allowfullscreen></iframe>
</div></figure>



<hr class="wp-block-separator has-alpha-channel-opacity"/>



<a id="_ftn1" href="#_ftnref1">[1]</a>  ـ <a href="https://siraj.net/ar/books/%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D8%B0%D9%83%D9%8A%D8%B1/pages/" data-type="link" data-id="https://siraj.net/ar/books/%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D8%B0%D9%83%D9%8A%D8%B1/pages/">عبد السلام ياسين، رسالة تذكير</a>، ص: 6



<a href="#_ftnref2" id="_ftn2"></a>&nbsp;ـ نفس المصدر، ص: 7[2] &nbsp;



<a href="#_ftnref3" id="_ftn3">[3]</a> &nbsp;ـ نفس المصدر، ص: 8



<a href="#_ftnref4" id="_ftn4">[4]</a> &nbsp;ـ نفس المصدر، ص: 8



<a href="#_ftnref5" id="_ftn5">[5]</a> &nbsp;ـ عبد السلام ياسين، رسالة تذكير، ص: 32



<a href="#_ftnref6" id="_ftn6">[6]</a> &nbsp;ص: 13



<a href="#_ftnref7" id="_ftn7">[7]</a> &nbsp;ـ ص: 14



<a href="#_ftnref8" id="_ftn8">[8]</a> &nbsp;ـ ص: 15



<a href="#_ftnref9" id="_ftn9">[9]</a> &nbsp;ـ ص: 16



<a href="#_ftnref10" id="_ftn10">[10]</a> &nbsp;ـ ص: 18



<a href="#_ftnref11" id="_ftn11">[11]</a> &nbsp;ـ ص: 19



<a href="#_ftnref12" id="_ftn12">[12]</a> &nbsp;ـ ص: 20



<a href="#_ftnref13" id="_ftn13">[13]</a> &nbsp;ـ ص: 21



<a href="#_ftnref14" id="_ftn14">[14]</a> &nbsp;ـ ص: 23



<a href="#_ftnref15" id="_ftn15">[15]</a> &nbsp;ـ ص: 24



<a href="#_ftnref16" id="_ftn16">[16]</a> &nbsp;ـ ص: 25



<a href="#_ftnref17" id="_ftn17">[17]</a> &nbsp;ـ ص: 27

رسالة تذكير للإمام عبد السلام ياسين

التزكية والدعوة

نظرات في رسالة تذكير للإمام عبد السلام ياسين

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

الهداية إيمان بالغيب ويقين بالآخرة

نظرات في رسالة تذكير للإمام عبد السلام ياسين

الجرح الفلسطيني

قصيدة الهمزية «أم القرى» للإمام البوصيري رحمه الله

الأدب مع الله عز وجل

كيف ننجمع على الله عز وجل

مقالات ذات صلة