بعد إعلان الإقامة الجبرية في حق الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله في 30 دجنبر 1989 في بيته بمدينة سلا، كان اعتقال مجلس إرشاد الجماعة -السادة محمد العلوي ومحمد بشيري ومحمد عبادي وفتح الله أرسلان وعبد الواحد متوكل ومعهم الأستاذ عبد الله الشيباني- وهم يهمون بلقاء مرشدهم صبيحة يوم السبت 13 يناير 1990.
وقد كانت الغاية المرجوة من حصار الإمام المرشد وأعضاء مجلس الإرشاد فصل رأس الجماعة عن جسمها وإضعاف قوتها بقطع حبل الصحبة عن الجماعة، فتضعف وتتضعضع ويتفرق أعضاؤها شذر مذر. غير أن سدنة المخزن وأزلامه مكروا مكرا وحفظ الله تعالى الجماعة وحاطتها عنايته ﴿وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾.
وفي 8 ماي 1990 كان موعد الشارع المغربي مع محاكمة مجلس الإرشاد، وهو اليوم نفسه الذي سيعلن فيه ملك البلاد آنذاك عن تأسيس يؤسس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، في تناقض غريب بين شعارات التمويه الرسمي والدعاية الفجة لمغرب الحقوق والحريات والواقع الحقوقي البئيس الذي ترزح تحت نيره مختلف الأطياف السياسية الحرة، وما حصار الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين عن ذلك اليوم ببعيد.
صباح 8 ماي 1990 حج الآلاف من أبناء الجماعة وبناتها إلى وسط العاصمة الرباط حيث المحكمة قرب البرلمان المغربي للاحتجاج السلمي على ما يجري من خروقات حقوقية، فكانت في استقبالهم جحافل متنوعة من قوات القمع الذين تفننوا في التنكيل بهم وسحلهم إلى بهو المحكمة، التي تحولت في وقت قصير إلى معتقل كبير. بالإضافة إلى اعتقال عدد كبير من الأعضاء في محطة القطار وفي مواقف سيارات الأجرة والحافلات… والزج بهم في مخافر الشرطة وتعرضهم لشتى أنواع التنكيل والمضايقات. ولم يفرج عن المعتقلين في بهو المحكمة ومخافر الشرطة إلا في ساعة متأخرة من الليل، بعد استجوابهم وتسجيل أسمائهم وتعرضهم لكل أنواع التهديد.
وفي 31 يوليوز 1990 أكدت محكمة الاستئناف الحكم الجائر في حق أعضاء مجلس الإرشاد، بالسجن سنتين نافذتين ظلما وعدوانا. ما حدا بالإمام عبد السلام ياسين رحمه الله إلى الإعلان في الجمعة الموالية 3 غشت 1990 بمسجد بنسعيد بسلا، بعد صلاة الجمعة، عن فتح جبهة جديدة في مواجهة ظلم الحكم وتعسفاته في حق المؤمنين، وذلك باللجوء إلى الله بالدعاء والقنوت على الظالمين في شهر صفر 1411، إن هم تمادوا في غيهم واستمروا على ظلمهم. وقد بقي آلاف من المؤمنين معتصمين بالمسجد إلى ما بعد صلاة العصر. وقد وافق هذا التاريخ «اليوم الوطني لحقوق الإنسان».
أضف تعليقك (1 )