مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسينمدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين
مدرسة الإمام المجدد
عبد السلام ياسين

التزكية والدعوة

الدعاء عنوان العبودية

الدعاء عنوان العبودية

الدعاء عنوان العبودية:

وغنِمَ الـمُوَفقات والـمُوَفقون أعمارهم بلياليها. صدقوا الله ورسوله، وسَلّموا وآمنوا وفوضوا. لم يسألوا عن كيْف النزول الإلهي، إنما قاموا في جوف الليل يصلون لله ويدعونه، ويسألونه من خير الدنيا والآخرة. مُقابل العرض الإلهي : «من يدعوني فأستجب له؟»، تنبعث في جوف الليل والغافلون نيام تلبية السائلة الملهوفة والسائل : «أنا يا رب!». واستجابةً لدعوته سبحانه : «من يسألني فأعطيَه؟»، تنبري روح أمة الله وروح عبد الله تستبق الخيرات لاهجةً : «أنا يا رب!». وتؤنب أمة الله ويؤنب عبد الله النفس الأمارة بالسوء الخطاءة أطراف النهار، حتى إذا جن الليل، ونام النُّوَم، وخرجت من حانات الليل زبائن الشيطان، ألفيتِ السعداء بمناجاة ربهم ينتظرون السحَر ليحْظَوْا بساعة : «مَن يستغفرني فأغفر له؟».

الدعاء عبادة لا تنقطع. المداومة عليها والمواظبة والصبر هي الطريق إلى رضى الله عز وجل، إن كان الإعراض عن الدعاء والتراخي فيه مُعرِّضا لغضب الله. كما لا يرتفع فرض الصلاة عن المكلفات والمكلفين إلزاما، كذلك لا تفتر الموفقات ولا يفترُ الموفقون عن ذكر الله ودعائه والتضرع إليه التزاما مدى الحياة. وإن الله لا يمل حتى تمَلّوا كما جاء في الحديث.

المواظبة، واستغراق الأوقات في الذكر والدعاء، والصبر على ذلك. من نواقض الدعاء ونواقصه الملَلُ والاستعجال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يُستجاب لأحدكم ما لم يَعْجَلْ، يقول : دعوت ربي فلم يستجب لي». أخرجه الجماعة إلا النسائي عن أبي هريرة.

يستحب الدعاء خُفيَةً وتضرعا إن كانت الداعية بمفردها. ويستحب لذلك الوضوء، الوضوء الدائم سلاح المؤمنات والمؤمنين. ويستحب استقبال القبلة ورفع اليدين. وتُلح الداعية جازمةً بأن الله عز وجل يسمعها ويستجيب لها مصداقا لقوله : ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾.1

وللدعاء ساعات وأحوال مفضلة. منها وقت السَّحَر، وعند الركوع والسجود، وأثناء الصوم، وفي معارك الجهاد، ودبُر الصلوات، ويوم الجمعة، ويوم عرفة، وليلة القدر ما أعظمها. وتحفظ المؤمنات الأدعية المأثورة لافتتاح الصلاة، وللدخول والخروج من البيت، وللنوم والانتباه، وللصباح والمساء. ولكل الأحوال كالعُطاس، والأكل والشرب، والسفر. ولدعاء الاستخارة مكانة خاصة، تفوض الأمة إلى ربها وتستنجد به بعد تدبير أمورها بحكمة العقل والشرع. تنوير المؤمنات، ج 1، ص 376-377.

أضف تعليقك (0 )



















0
يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة ممكنة. تعرف على المزيد