مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسينمدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين
مدرسة الإمام المجدد
عبد السلام ياسين

قضايا فكرية

القيم المحورية لنظام الحياة المادية الاجتماعية

القيم المحورية لنظام الحياة المادية الاجتماعية

وقد صنفت في خصلة “البذل” خمس شعب من شعب الإيمان جعلتها للنظر في الجانب المادي للحياة وفهم التربية اللازمة لكيلا يستوعب الجانب المادي رغبات المسلم في المجتمع الإسلامي، ولكيلا يُظلم في الأرض مستضعَف في رزقه، ولكي لا يؤول فقر الفقير به إلى الكفر، ولكيلا يُطغيَ الغنى الأغنياءَ، فيُترفوا في النِّعم ويعيثوا في الأرض فسادا.

هذه الشعب الخمس هي القيم المحورية التي عليها يدور نظام الحياة المادية الاجتماعية في الإسلام. هي قوام المسألة الاجتماعية كلها، الكفيلة إن طبقت في النَّسَقِ الإسلامي الإيماني المتكامل بحل المشكل الاجتماعي السياسي من حيث تتحدانا الأنظمة الأرضية من ديمقراطية واشتراكية تحديا مباشرا بنجاحها نجاحا نحن أكثر الناس قصورا عن مثله منذ ابتعدنا عن ديننا.

هذه الشعب الإيمانية الخمس هي: الزكاة والصدقة، ثم الكرم والنفقة في سبيل الله، ثم إيتاء ذوي القربى واليتامى والمساكين، ثم إطعام الطعام، ثم قسمة المال.

قلت إن مجموعها يشكل نظاما إسلاميا لحل المشكل الاجتماعي السياسي مشكل الظلم الاجتماعي والفقر وسوء القسمة. وفي استعمالي لكلمة “نظام” ما يحدث سوء تفاهم لأننا ألفنا، منذ وقعنا تحت طائلة الحضارة المادية المستكبرة في الأرض ومنذ انضبعنا بها وانصبغنا بها، أن نكتب بحروف عربية وكلمات عربية معاني ليست من القرآن ولا من السنة، فهي بعيدة الروح والمعنى عن الإسلام بقدر بعد اللفظ عن اللفظ، وبقدر تلوث المدلولات القرآنية في أذهاننا بالدّوالِّ الأرضية. لكن تبليغ المثال الإسلامي الإيماني، وتفكيرَه وتقديرَه، في زمان مكتظ بأشياء حضارة يمسك بزمامها غيرُنا لا بد أن يمر من امتحان التعبير المتداخل، إلى أن يأذن الله ببروز النموذج الإسلامي المستقل، لتعود مرجعيتنا كما كانت وكما يريدها الله عز وجل منا إرادة تكليف قرآنية سنية لا غير.

تكوِّن هذه الشعب الخمس نظاما لا بمعنى النظام القانوني الملزم ولا بمعنى الإحسان الخيري، ولا بمعنى الأخلاق والمروآت، ولا بمعنى التكافل الاجتماعي، ولا بمعنى نزع الملكية الثوري. لكن بكل تلك المعاني ومثلُها معها في نسيج وحيد النوع لُحمته سلطان الإسلام العادل وسداه وازع القرآن وداعي القرآن في قلوب أهل الإيمان والإحسان.

 الإحسان، ج 1، ص 511-513.

أضف تعليقك (0 )



















يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة ممكنة. تعرف على المزيد