من حيث التَفَتْنَا إلى فرائض الشـرع ومستحباته نجد كل ما يوجه المسلمة المؤمنة إلى وظيفتها الجليلة الأساسية، وما يفرغها من الهموم المادية.
ومن حيث التفتنا إلى واقع المسلمين، خاصة في عصور الاستهلاكية المتباينةِ فيها المكاسبُ تباينا فاحشا المتفشي فيها الفقرُ والبطالة إلى جانب الترف والتبذير، نجد ما يُؤلِمُ القلب ويحزن النفس. الضرورة تدفع نساء المسلمين المستضعفين للكسب خارج البيت. ومُجاراة الأوضاع العالمية والموضات الجاهلية تدفع الأخريات لامتهان وظائف تستهلك المرأة في غير ما خلقت له. وتتفكك الأسرة، ويهيم مجتمع المسلمين في درب الانحلال الأسروي الذي بلغ مداه في المجتمعات الغربية المصنعة الصاخبة المنحلة.
إن كان مطروحا على المؤمنة الاختيارُ بين الدنيا والآخرة، بين حياة الفطرة وحياة الاستهلاك، على مستوى الخطاب القرآني الشرعي، فإن الواقع يخاطبها بلغة الحاجة، ولغة التنافس، ولغة الفاقة، ولغة «كرامة المرأة العاملة»، ولغة الاستقلال الاقتصادي.
الواقع في بلاد المسلمين مُرٌّ عفِنٌ. وما يريده الإسلاميون للمرأة طويل المنال. لا يمكن أن نغير الواقع بين عشية وضحاها. وإنَّ وَمَضاتِ اليراعِ، وخفقاتِ الأمل الراجي للخلافة الثانية لن تلبث أن تصطدم غداً القريب بإذن الله بالحقائق الصلبة. لُب هذه الحقائق الظلْمُ الاجتماعي الناتج عن التسلط السياسي. والمرأة المضطرة للكسب خارج بيتها من أعمال لم تُخلق لها هي المظلوم الأضعف. وإنصافُها من الأوْلويات.
إن أمةً مشكلتها الحياتية الأولى هي الخروج من رِبقة التخلف لجديـرة أن تستفيد من جهود كل أبنائها وبناتها. وللمرأة مكانها تحت دولة القـرآن في وظائف التعليم بمراحله لبنات جنسها، والتطبيب لهن، وسائر الأنشطة الاجتماعية، وغيرها مما لا يتنافى مع الحشمة والأخلاق والعفة والتقوى.
العدل: الإسلاميون والحكم، ص: 310-311
أضف تعليقك (0 )