هذه العلوم الكونية التي يطورها ويستعملها ويركب جيادها الجاهليون لا تقابل العلم الحق، ولا تقاتله، ولا تزاحمه على حياة البشر لو أنها وضعت مواضِعها، ولم يعْدُ بها العقل المبسِّط المموه للحقائق مكانها من إعراب الخلق.
ليست هذه العلوم الكونية، وليست أسباب اكتسابها من محو الأمية و… رجسا من عمل الشيطان. لم يصنعها العقل الغربي.
لم يصنعها.
إنما هي أسرار أودعها الخالق البارئ سبحانه في خبايا المادة وتلاحمها الفيزيائي، وتفاعلها الكيماوي، وقوانينها الرياضية في الذرة والأجرام السماوية، وفي الماء والهواء، وفي المعدن والأحياء، وفي النبات والحيوان.
وخلق سبحانه وقدر الأدمغة البشرية. رقد بعضها فلم يطور آلات علمية لينبش ويبحث ويستخرج. وبحث بعضها فوجد.
الناس سواسية في العقل، كافرهم ومؤمنهم.
وهذه الآلة الكلية الأساسية التي بها تستخرج كنوز الأسرار التي وضعها البارئ سبحانه في ثنايا الكون كان للمسلمين اليد الأولى الطولى في تدبير صنعها واستنباط طرق استعمالها.
إنها الطريقة التجريبية. نسبوها لبيكن ونسل بيكن من رواد العلوم في الغرب، فأنكرت أُبوتنا، وننكر نحن بُنوتها، وذلك عقوق. والتوبة عن كبيرة العقوق تأتي في مقدمة التوبة.
أي شيء صنع المكتشفون والباحثون طورا على طور؟ اكتشفوا شيئا كان هناك صنعه غيرهم. وصاح صائح الظفر من تلك الديار: هذا نيوتن صاغ قانون الجاذبية، وهذا باستور اكتشف المكروبات وصنفها وصنع الأمصال.
ويحكم وهل صنع ذلك الجاذبية؟ وهل خلق هذا الأحياء المجهرية وبثها في الأحياء الصحيحة والمريضة؟
ويحك يا ابن آدم! وأنت، أي شيء أنت؟
تابع القراءة في: عبد السلام ياسين، حوار مع الفضلاء الديمقراطيين، ص: 145-146.
أضف تعليقك (0 )