بسم الله الرحمٰن الرحيم
لا نزال نوصي طلبتنا المومنين بالاستفادة من مجالس الخير أمام فقهائنا في المساجد، وفي صحبة رجال التبليغ خروجا في سبيل الله، ومع كل معلم للخير ومعين عليه وسائر في سبيله ولو خطوة.
وعلى طلبتنا الأعزاء أن يسعوا بالوسائل الإدارية لتأليف جمعية طلابية ليكون لهم وجود قانوني. وقبله عليهم أن يحلوا بأنفسهم مشاكلهم المترتبة على الخلافات الماضية والنزاعات والولاءات. وليجتهدوا في إنشاء جو حي بالإيمان، وأن ينظموا لقاءات ومحضنا يأوي إليهم شبابنا الضائع. كلمة خير، والتذكير بالحق، والإلحاح جدا على أن الإسلام عدل ثم عدل. بهذا يجب أن تخاطب المروءات الكامنة في الشباب الضائع. واعلموا أحبتي الطلبة أنكم إن أعطيتم مثال الطهر والاستقامة والجد والحرص على العلم والتقوى في الدراسة مع الوجه الطلق واليد المفتوحة ستغلبون دواعي الحقد والعنف والانتحار الخلقي والإغراق في السلوك الدوابي لدى الشباب الضائع البئيس.
لا أدعوكم للرخاوة والتذلل لغير المؤمنين. فمن الناس بل جل الناس، من لا يحترم إلا القوة. والله عز وجل يحب المومن القوي. لكن لا تجعلوا أساس عملكم “الحوار العضلي”. كونوا رحمة ونظموا للعام الدراسي المقبل حملة للدعوة، بينوا للشيوعيين وغيرهم من التائهين أن الإسلام يعني في حق الفرد الكرامة وفي حق المجتمع العدل وفي حقل السياسة الشورى بين المومنين. وهو الرسالة الخالدة والحضارة ذات الوجه الإنساني التي ينشدها العالم. بشروا بعالمية الإسلام، وبينوا ضيق الإيديولوجيات وإقليميتها. الاشتراكية العلمية التي تعرض في السوق بضاعة بارت في أوربا، فحذروا الشباب من أكل الطعام البائت. الإيديولوجية الماركسية أفلست فكريا فحذروهم من البقاء مع موضة بالية.
علموهم بسلوككم ووجهكم الطلق وكلمتكم الطيبة وهديتكم الأخوية في مجلس تدعونهم إليه برفق أن الإسلام هو الآدمية، وهو التقدمية، وهو المذهب الراسخ في التاريخ، المتفوق في المضمار الحضاري. علموهم أن شخصيتنا مسخت أفراداً وجماعة، وأن الإسلام ليس مسؤولا عن تدهورنا التاريخي. بل خروجنا عن الإسلام وابتعادنا عن تعاليمه هو السبب.
اتخذوا هذه المجلة، فهي أمس بواقعنا إلى جانب الكتب والمجلات الإسلامية، أداة للحوار والإقناع والتعريف بالإسلام، خاصة من حيث كونه كرامة وعدلا وحضارة متفوقة.
تضامنوا في الكليات والمدارس، وأغيثوا المحتاج، وشجعوا الكاسل. وليكن خيركم أسبق للناس من بأسكم. كونوا إخوة متحابين رفقاء بينكم رحماء.
ثم ليكن أمركم بينكم شورى. تحابوا في الله وأخلصوا وجهكم له، ولا تنازعوا على الرئاسة فتفشلوا وتذهب ريحكم، حماكم الله.
وإياكم والخوض في الخلافيات. ثم اشرحوا لمن تدعونهم أن الإسلام دعوة كلية لتجميع المومنين وتربيتهم وتنظيمهم حتى يكونوا قوة تقوض الطاغوت. ما الإسلام اقتصار على أحكام الحيض والنفاس وسجود السهو. الجهل بالإسلام فاحش فتعلموا وعلِّموا.
زوروا كل الدعاة على تباين مشاربهم، فأنتم أقدر العناصر على تقريب الشقة. حببوا إليهم بترددكم عليهم الوحدة والاتساع في الفكر والعاطفة والانفتاح على الأخوة الإيمانية. فأنتم أقدر العناصر على ذلك. كونوا حركة دائمة، لكن إياكم أن تتشتتوا في النشاط الحركي. اتخذوا لأنفسكم حزبا من القرآن، واجعلوا وجه الله عز وجل قبلتكم، ورسوله صلى الله عليه وسلم قائدكم وإمامكم ونموذجكم. اجتهدوا بالعبادة أن تتمتن صلتكم بالله لكيلا يتخطفكم طير الهوى. طهروا قلوبكم وزكوا هذه النفوس بذكر الله : ذكر اللسان حتى يرسخ الذكر في الجنان، ويصبح كلامكم كله مخلصا لله، وعملكم كله موجها إليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رسالة للطلبة نشرت في مجلة الجماعة، العدد الثالث بتاريخ ذي الحجة 1399 (ص125-127).
أضف تعليقك (0 )