post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

المؤمنة واختيار طريق السعادة:
نريد بعد أن بسطنا في الفصل الأول العامل الذاتي المتألم الـمُتعب بين انحطاط ومثال، وبعد أن بسطنا في الفصل الثاني موازن العالم وما يحركه، أن نقترب في هذا الفصل من الموضوع الحساس البالغ الأهمية لنقول كلمة بسيطة منطقية تفض النزاع، وترفع قضية المرأة المدرجة في ملفات الأحزان إلى الجهة المختصة.
الجهة المختصة هي المرأة نفسها، تختار أنسب طريق لسعـادتها. والكلمة البسيطة المنطقية الفاصلة هي أن المرأة -والرجل أيضا- من الظلم الشنيع والعدوان الفظيع أن يشوش عليهما مشوش صفاء حياتهما، ومتعة عمرهما، وحلاوة وجودهما، وحرية بهيميتهما إذا كان الأمر دهرية : نحيى ونموت ولا شيء بعد ذلك.
إذا كانت المرأة وكان الرجل قردين يَنْزُو بعضهما على بعض، وإذا كان الوجود صراعية من أجل البقاء، وعبثية وغثيانا عند الفلاسفة، فإن الحرية القردية أثمن ما في الوجود. ويعلو القرد على نفسه، ويشرف على أبناء جنسه، فيحقق وجوده وغاية حياته بعد إشباع لذة الجسم في أفعال حرة إبداعية فنية جمالية تعطي للحياة نكهة السعادة.
إذا كان الأمر كذلك دهرية، وقردية تطورية صراعية، وعبثية وجودية، ولَذَّتية جمالية فنية، فإن تحديث المرأة والرجل عن الأخلاق والعفة تنغيص، وتذكيرهما بلياقة الإمساك عن الشهوة وضبطها تفويت لحق أساسي، ومحاولة إسدال أردية الصّوْن على الحرمة المزعومة لآدمية الإنسان تزمت وخنق للحريات وعدوان على حقوق الإنسان.
إذا كان الأمر كذلك فالقضية محكومة لدى الجهة المختصة لصالح الإباحية والتهتك والمتعة بلا حدود. تصبح الإباحية إذا كان الإنسان لا معنى له، وكان الموت لا حياة بعده، هي عين الحياة. ويصبح التهتك فضيلة إنسانية رفيعة، والمتعة زهرة العمر، غبي محروم من لا يقتطفها يانعة أشكالا وألوانا.
والمرأة إذا كان الأمر كذلك هي مركز الرغائب. جسدها عاصمة الشهوة، وزينتها قمة الحضارة، ورقصها أمام الرجال روح الفن، والمتعة المباحة المشتركة بها أساس العدل.
أما إذا كان الله موجودا خالقا، وكان بعد موت الإنسان حياة، وكان عمله في الدنيا رصيدا لآخرته، وكانت المرأة عديلة الرجل ورفيقته في الرحلة الابتلائية، وكانت شقيقته في الآدمية وفي الأحكام الشرعية، وقسيمته في الكرامة، والمجزية مثله جزاء السعداء أو الأشقياء في جنة الخلد أو في سعير الشقاء الأبدي، فإن الحديث عن المرأة ومحاكمة قضيتها يداران إدارة أخرى.
يُدار الحديث عن المرأة وتحكم قضيتها بمعايير الإيمان لا بمسلمة دوابية حيك حولها وبني على أساسها مجتمع المنفعة واللذة والأنانية. تختار المرأة بين الإيمان ومعه ومنه الشرع، وبين الحرية الدوابية وبعدها الآخرة. ولدار الآخرة خير. ولَنِعم دار المتقين. تنوير المؤمنات، <a href="http://siraj.net/%D8%AA%D9%86%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%AC-1-6.html#page/162">ج 1، ص 162-163.</a>

المرأة والأسرة

المؤمنة واختيار طريق السعادة

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

الحج مطهرة وهداية

فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

من شعب الإيمان..الحج والعمرة

صور من محبة رسول الله ﷺ

خطاب الروح الصليبي وبطشه

الأنانية والجشع وصناعة الفساد

مقالات ذات صلة