post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

الهجرة والولاية الإيمانية:
«جماعة المسلمين» التي من خرج عنها خلع ربقة الإسلام من عنقه ليست هذا الفرعَ أو ذاك من هذه الفروع المباركة المنتظمة في جماعات عاملة مجاهدة. بل هي تكوين جماعي يقرُب من المطلوب شرعا كلما كان أقرب إلى توحيد الأمة في القطر، ثم توحيدها في الأرض. إن كانت نيةُ هذه الفروع المترابطة المتعاقدة جمعَ الأمة على الصفاء والقوة فهي، على تنوعها، حاملة لمعنى «جماعة المسلمين»، يكون الدخول فيها هجرة، ويكون التعاهد معها عِوَضا عن البَيْعة المنجيَةِ. وإن بعض الجماعات تستبق المراحل فتسَمِّي بيعةً أولَ كلمةِ مُوافقةٍ و«التزام» ينطق بها الداخل. وما البيعة حقا وشرعا إلا بيعة مختـار الأمة حين تجتمع وتتوحد وتكون لها دولة واحدة.
تحت لواء الوَلاية العامة الواجب بين المؤمنين يمكن أن تنطويَ وَلاياتٌ خاصة متعددة. لا مانع من ذلك شرعا. وقد كان بين المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم هذه الوَلاية الخـاصة التي تُفْرِدهم من المؤمنين الذين لم يهاجروا. ويمكن أن نقيس على ذلك «هجرة» الإسلاميين إلى هذه الجماعة أو تلك، تربط المرءَ لجماعته روابطُ خاصة. لا تكون هذه الروابط قادحة في أهليته، بل بالعكس، إن كانت هذه الوَلاية الخاصة لا تحجُب عنه الوَلاية العامة ولا تمنعه من التعاون الواجب.
قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ سورة الأنفال، الآية 73.
هذه وَلاية خاصة يخرج منها من قال الله عز وجل فيهم: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا  سورة الأنفال، الآية 73.
لا تناقض في كتاب الله عز وجل. فعموم الوَلاية سارٍ بين كل المؤمنين بمقتضى قوله تعالى، وبشرط قوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ سورة التوبة، الآية 72
ما كفاهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر الشروط للتأهل للوَلاية الخاصة التي شَرْطُها الهجرة والنصـرة. ولا أخرجت الهجرةُ والنصرةُ أهلها من الوَلاية العامة الواجبة.
قياسا على هذا يمكن، بل يُطلَب ويتأكد، أن تتألف في القطر رابطة عامة توحد على الوَلاية العامة الجماعات المترابطة بالهجرة والتنظيم، والشخصيات المحنكة من الأتقياء الصالحين. تكونُ هذه الرابطـة وجهَ الدعوة في الميدان السياسي، وذراعها، وقوتها. وتبقى خصوصيات كل جماعة بشرط أن تَتَهَوَّى أسوار الممانعة والمنافسة، والمعاداة أحياناً، التي تحكم العلاقات بين الجماعات الإسلامية الناشئة التي لما تُنضِجْها التجربة ولما توقفها قوة الأحزاب العلمانية وحجمها وتمكنها في الأرض على ضرورة رص الصف الإسلامي. <a href="http://siraj.net/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%84-:-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85-1.278.q.%D8%A1%D8%A7%D9%85%D9%86%D9%88%D8%A7+%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%AC%D8%B1%D9%88%D8%A7.html#page/278" target="_blank" rel="noopener noreferrer">العدل ص 277.</a>

السياسة والحكم

الهجرة والولاية الإيمانية

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

رمضان وافى

من يحصي أنعما أوليتها؟

التوبة واليقظة

كيف نتعلم من سنة الله في التاريخ؟

قواعد ذهبية في تربية النَّشْء

الله ابتعثنا