رعاية الرجل وفاعلية المرأة
في بعض روايات حديث الرعية والمسؤولية: «والرجل راع في أهل بيته». «في» بدل «على». والفرق شاسع بين «على» الاستعلائية التسلطية التي كان بها الحاكم العاض أميرا على المؤمنين، وبين «على» المسؤولة القائمة بالقسط. الفرق شاسع بين «على» التي يخضع بها الرجل رقبة المرأة ويغمطها حقها وبين «على» مسؤولية القيادة الرفيقة.
ورواية «في» تكسير من غلواء «على» التسلطية. الرجل في أهل بيته نجد نموذجه في رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان في خدمة أهله إذا دخل البيت، وكن ينازعنه ويراجعنه في حكم ولا يغضب، ويتلطف ويداري.
الراعي «على» كان في مجال الحكم، بعد سقوط الحكم من مرتبة الكمال، مستبدا فيه دَخن، ثم شريرا، ثم داعيا «مجتهدا» على أبواب جهنم. ومع هبوط الرعاية السياسية انعكس الانحطاط على ما كان ينبغي أن يكون رعاية مسؤولة للرجال على النساء فإذا بالضعيفة المرأة في أسفل الاضطهاد.
هبطت رعاية الرجال للنساء مع الهبوط العام فأصبحت الزوجة والأم والأخت عضوا منكمشا محبوسا لا يكاد يظهر له أثر في مجمل النظام الاجتماعي الاقتصادي.
وساد فقه السجن الذي يريد للمرأة أن لا تخرج من البيت إلا مرتين: مرة من بيت أبيها إلى بيت زوجها، ومرة من بيت زوجها إلى القبر.
كانت «على» الاستعلائية هي الأداة التي نقَّصَتِ المرأة في كل الميادين، لأن الفقه الواقعي سحب على المرأة من حيث هي امرأة الحكم القرآني الجزئي، وعمم على كل أحوالها الدونية الموهومة في كون شهادة الرجل تساوي شهادة امرأتين، وكون نصيب الابنة بين إخوتها من الميراث نصف نصيب الذكر.
وما الحكم القرآني يقضي بالدونية ولا بأن المرأة نصف إنسان. لها نصف ميراث الذكر لأن الذكر مسؤول عن النفقة أبا وزوجا. وتذكرها صاحبتها عند الشهادة لما في النساء من غفلة وغياب عن مواطن النزاع والخصومة.
الدرجة والرعاية ثابتة للرجل ليقود السفينة ويجنب القافلة الفوضى. ولئن استحالت الطاعة المفروضة شرعا إلى إكراه القوي الرجل الضعيفة المرأة كما أكره الحاكم الغاصب الرجل المقهور، فإن طاعة الزوجة لزوجها وطاعة الذين آمنوا لأميرهم المنتخب على شورى ورضى لا تشم منها رائحة المهانة. بل هي طاعة لله وشرف وقربة.
تنوير المؤمنات، ج1، ص: 51-52
أضف تعليقك (0 )