مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسينمدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين
مدرسة الإمام المجدد
عبد السلام ياسين

التزكية والدعوة

روابط بناء الجماعة

روابط بناء الجماعة

روابط بناء الجماعة

إن مشروع الخلاص الفردي هو المحور الذي تدور عليه الجماعة المؤمنة، ولا يتصور أن تتكون للمسلمين جماعة إن لم يكن لدى كل فرد من أفراد الأمة محبة لله ورسوله وانتظار لموعوده. لكن الإسلام الفردي والإيمان والإحسان لا يكون بنفسه جماعة، ولو تجمع آلاف من المحسنين ما كونوا جماعة حتى تربطهم روابط ثلاث هي المحبة والطاعة والنصيحة.
إن ما نراه في بلادنا الإسلامية من التنظيم الاجتماعي ما هو إلا تركيب منقول عن النظام الجاهلي. هذا التركيب قوامه وروحه هو القانون الذي يضمن مصلحة كل فرد بضمان الأمن. القانون ووازع السلطان هما الإطار الذي تدور فيه اضطرابات الناس ومخاصماتهم في دنيانا دنيا الفتنة، وطلب الوجاهة والمال هو الدافع للعمل والسعي. ننقل نظام الديمقراطيات والاشتراكيات نبني عليه حياتنا، ونصرخ بشعار العدل ونتهارش في مجتمع الكراهية.
والإسلام إن اهتدينا إلى منهاجه يبدل مجتمعنا جماعة، ينقلنا من التركيب الاجتماعي الذي يواري الفرقة ويداريها إلى بناء عضوي روحه المحبة وهيكله الطاعة لله والرسول وذي الأمر منا والنصيحة عامة شاملة بيننا.
إنه لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وإننا لن نؤمن حتى نتحاب، أقسم على ذلك رسول الله.
أما المسلم فقد يكون مسلما دون أن يحب اخوته، يكفيه أن يقيم الصلاة مع الجماعة وأن يقوم بأركانه الخمس وأن يطيع الأمر العام ويسلم المسلمون من لسانه ويده وهكذا يبقى على هامش الجماعة وفي ظلها حتى ترقى به همة لخلاص نفسه والتقرب من ربه، وعندئذ يدفعه الطلب فيتقرب من المؤمنين ويحبهم ويندمج فيهم بعد أن يعطي برهان صدقه.
وقد رأينا في الفقرة السابقة كيف كانت جماعة المؤمنين يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرأنا في القرآن الكريم كيف كانوا رحماء بينهم.
المؤاخاة : بلغت المحبة بين المؤمنين من المهاجرين والأنصار حدا تضرب به الأمثال فتقاسموا المال والعمل، ومدح الله الأنصار بأنهم : ﴿يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
هذه المحبة كانت طاقة هائلة مجمعة، وكانت اللحام بين أعضاء الجسد الجماعي. ولكيلا تتبدد ولكيلا تخطئ المحبة مقصدها نظمها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين آخى بين المهاجرين والأنصار، ونظمها الله حين جعل أولي القربى أحق بها والوالدين قبل لك، ثم الجار والصاحب بالجنب.
ليست هذه المحبة تائهة مثالية إنما هلى لحام بين المؤمنين مجلاه في العمل اليومي والبذل اليومي والتعاون اليومي.

تابع القراءة في عبد السلام ياسين، الإسلام غدا، ص 201-203.

أضف تعليقك (0 )



















يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة ممكنة. تعرف على المزيد