post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

مثقفونا والحاجة إلى التحويل الثقافي
مثقفونا فريقان : عقول مكونة تكوينا منطقيا هم أصحاب الثقافة العملية وهم أصحاب الحول والطول، قضيتهم إن كانوا منحطين قضية استعلاء أناني يترقب المناصب ويفتضح بخلاء الذمة وسوء السيرة، فإن كانوا أعلى من ذلك فإنما قضيتهم التحرر السياسي والتنمية الاقتصادية، ونعم القضية لو كان غاية ما ترسمه أن تكون أمة الإسلام أمة حرة حقا بالمعاني الإيمانية الإحسانية.
وقضية علمائنا وتلامذة المعهد الديني قضية إحياء الإسلام، لكنها قضية لا تسمع ولا تقبل لأن من بين أصوات من يدافعون عنها أصوات ديدان القراء المنافقين، ولأن عقلية بعض علمائنا لا تزال عقلية خرافية لا تتسع لمنطق العمل أو تتصور العمل تصورا صبيانيا، وأعرف من الناس المنتمين لهذه الفرق من يعتقد أن بعث الإسلام له مظهر وحقيقة ومخبر تجتمع كلها في منع الخمور وسدل الخمار، ومن يزعم لنفسه وللناس أن الإسلام ينبعث في أسرع من لمح البصر لو ولي الحكم جماعة من أمثاله.
قضيتان لا تلتقيان في ذهن المثقفين، مثقف يعتقد أن الدين أفيون الشعوب، ومثقف لا يحسن أن يعرض قضية الإسلام العرض الكامل الذي يدرج الأموال التي جعلها الله لنا قيما وقياما في سلم حقائقه. فلا لقاء يرجى بين مثقفينا إلا بتحويل ثقافي يتم على صعيد التوبة العامة. وإن لمثقفينا لطاقات سائبة مسلوبة مستلبة مبذرة لما لم تجد منهاجا يجمعها. وكما أن الانشقاق السياسي في الصفوف صيغة عملية لغثائية الأمة الذاهبة مع السيل فإن الانشقاق الثقافي صيغة عملية للجهل المركب، ويلم شعت ذلك كله فقه منهاجي يضع الأمور مواضعها.
التجديد الإسلامي جهاد يمتنع عنه ويتعسر عليه هذا العنصر البشري المتحجر على عقلية لا تثق بشيء ولا تطمح إلى شيء إلا طموح مطالبة. الناس يحبون أن يتمتعوا ببضائع الاستهلاك لكنهم لا يستعدون ليعرفوا لها مصدرا غير المصدر السهل اليسير، لا يحبون أن ينالوا هذه البضائع بالكد والتعلم الضروريين لصنعها، يعوقهم عن ذلك الكسل الذي هو من صفات الركود ومن خصائص العقلية المتحجرة. فضروري أن تعبأ العقول من أجل تجديد كامل، وضروري أن يحول تفكير الأمة تحويلا نحو عقلنة علاقاتنا بالناس والطبيعة، ونحو تنظيم وقت العمل وعلاقات العمل. الإسلام غدا، ص 543-544.

السياسة والحكم

مثقفونا والحاجة إلى التحويل الثقافي

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

صور من محبة رسول الله ﷺ

خطاب الروح الصليبي وبطشه

الأنانية والجشع وصناعة الفساد

في الذكرى 77 للنكبة.. “إسرائيل الابتلاء” وشروط النصر

خير نساء طلعت عليهن الشمس

أفق النظام العالمي

مقالات ذات صلة