مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسينمدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين
مدرسة الإمام المجدد
عبد السلام ياسين

بأي ثمن؟

من سعادة المرء، بل هي السعادة كل السعادة، أن يبذُل نفسه وأن يجاهد بماله في سبيل الله. ذلك ثَمَنُ ما تبايع الله عز وجل فيه مع المؤمنين حيث قال جلت عظمته: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.سورة التوبة، الآية111.

ماذا أتى بالصحوة الإسلامية وبعثها بعد فضل الله تعالى؟ جهادُ أجيال من المؤمنين قامت بهم الغيرة على دين الله فلبَّوْا نداء الجهاد ولا يزالون.

ذلك ثمنٌ دفَعَ «الحل الإسلامي» إلى الواجهـة، ليس كما يزعم المحللون المادِّيون فراغُ الساحة بعد فشل المحاولات اللبرالية والقومية الاشتراكية. وإن كان للفراغ يد في المسألة فهي بُؤسُ الأمـة أدته أيضا ثمنـا لِتَقَدُّمِ الصحوة الإسلامية.

إن كانت، وهي كائنة باعتبار، فإنها مشاركةٌ من الأمة سلبيَّةٌ قهرية في دفع الثمن. وما ألححنا عليه في الفقرة السابقة من ضرورة مشاركة جمهور المسلمين في تطبيق «الحل الإسلامي» مساهمةٌ إيجابيَّةٌ وثمن لا بد من دفعـه عن طواعية وبصبر واستمرار.

وثمنٌ آخرُ هو اكتساب الحركية والنشـاط والفاعلية في الحياة. الإقدام والمغامرةِ مزايا يتفوق علينا فيها أبناء الدنيا ولا قيام لنا بدونها. لا بد أن نتطبع بالعمل الدّؤوب وبالشكيمة والعزيمة المتَّقِدَةِ والإنتاج. علينا من غبار الخمول وعادة التواكل وهوان الكسل ركام لا بد من نفضه واطِّراحه.

وهنا يكمُن الخطـر الداهم ويعظُم الخطبُ وتتربص الزلة حين ندخل في معمعـان الحركية العـالمية -ونحن داخلون إليها مرفـوعي الرأس أو أذلاءَ مُكرهين- فتلتهمنا وتُلهينا عن مهمتنا الأولى في الحياة. هنا يهدد دَولابُ الحركية والفاعلية والوقت الجاري والمواعيد العجِلة ومنطقُ السرعة بصرفنا عن وِجهتنا. يهددنا الخطر القاتل، خطرُ أن نكسِب معركة التنمية ونخْسَرَ روحَنا. ونخسَر الإيمان. يهددنا أن نلْبَس مع الناس وكالناس لَبوسَ الدنيا ونطرح لِباسَ التقوى. ومَنْ خسِر الآخرة فما معنى حياته وما قيمة مروره من الدنيا؟ هذا ثمن باهظ وغبن ما بعده غبن. نعوذ بالله…إقرأ المزيد “كتاب العدل ص-510”

أضف تعليقك (0 )



















يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة ممكنة. تعرف على المزيد