post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

التعليم مفتاح التنمية
إن التنمية الإنسانية الربانية من جملة وسائلها وأهدافها التنمية الاقتصادية. وهذه الاقتصاديات علم دقيق وتكنولوجيا وضبط، ويتعقد ويغمض علم التنمية الاقتصادية حتى لتخاله سحرا جداوله أرقام ورموزه إحصاآت ومؤهلاته يقظة فكرية منظمة، وإفشاء للتعليم خاصة التعليم التقني.
ولقد تغيرت نظرة الناس إلى التعليم بين العهد الذي كان <a href="https://wordpress-1153707-4083331.cloudwaysapps.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d8%ac/">التعليم</a> فيه وسيلة ثقافية لتهذيب الإنسان وعهد التنمية الاقتصادية الذي يعد التعليم توظيفا للجهود الاجتماعية في مقابل مردود منتج في شخص مهندسين يصنعون المكنات، وأطباء يحافظون على صحة الأجسام، وأساتذتة يكررون العملية ويضاعفونها.
وتوضع في نقطة الانطلاق مشكلة بالنسبة للبلاد المتخلفة، بأي الإنماء يجب أن نبدأ ؟ أنبدأ بحفر الطرق والسدود وما يسمى بالبنية التحتية للاقتصاد ؟ أم نبدأ بتهييء الإنسان وتعليمه؟ وإذا كان لنا مال فلِمَ نكرسه ؟ أننفقه على المدارس والجامعات أم نخصصه لبناء المعامل ونجمعه في رأس المال؟
إنه مشكل يوضع في خط النظر الرأسمالي للاقتصاد المبني على التوظيف الرأسمالي. أما في بلاد الثورة والتعبئة، فإما يكون الأمر كرها وتحكما في المال والجهد، وأما يتطوع الناس بجهدهم ودرهمهم كما يحدث في بلاد الشيوعية التعليمية.
إنه لا بد من بنية تحتية للاقتصاد تسبق التنمية وتمهد لها لكن الأهم هو تغيير العقلية وتطويرها لتتصرف في عملها تصرفا منتجا. ويحصي المحصون أن القدر المتماثل من المال يزيد في إنتاجية المجتمع إن وظف في التعليم أكثر مما يزيد فيه إن أنفق على الطرق والآلات والمصانع.
ونعلم من تجربة بلادنا الإسلامية أن التعليم موكول إلى الموظفين المكونين تكوينا أجنبيا، وكان من المنتظر أن يغيروا عقلية مجموعاتنا الناعسة. لكن الذي يحدث أن العلم المجلوب من بلاد الجاهلية يغير عقلية المعلم والمتعلم في اتجاه واحد هو اتجاه نحو الاستهلاك ومن هنا نحو المطالبة. وإنما يأتينا ذلك من الفشل العام الناتج عن بنيتنا الاجتماعية وفساد الضمائر والاضطراب في المبادئ والاتجاه. فالمثقف لا يحصل على ثقافته إلا بالتكفيء معرضا عن قيم أمته الأخلاقية، وما يحتك به من نشاط الجاهليين وجديتهم سرعان ما يتبخر عنه تأثيره إن انغمس في وسط مجتمعه بعقلية مستعلية محتقرة. فبضعفه العقدي أو بتقززه من الجمهور المتأخر الجوعان الجاهل، وبما يحسه الجمهور ويكرهه من استعلائه وغربته، لا يستطيع المعلم العصري أن يفعل في تغيير عقلية الأمة إلا تغييرا سلبيا. يرونه طاعما كاسيا يفضل عليهم في الرزق والسكن بما لا يقارن، ويشاهدون كسله وعدم جدواه، فما منهم إلا من يتطلع لشهادة مثل شهادته تؤهلهم لكسل أنظف من كسل العامة.
والمال الذي نخصصه للتعليم ينفق على مثل هؤلاء الموظفين، وهم زمرة من المستهلكين غير المنتجين. وبينهم في كثير من بلادنا خبراء أجانب يمثلون بالنسبة إليهم ما يمثلونه هم بالنسبة للأمة. هؤلاء الخبراء يأخذون أجورا أعلى ويعيشون رخاء أوسع. وبذلك يجتمع على المعلم الموظف عاملا الكسل المتكبر والغبن اللاحق به. وتجرى مطالبته للمساواة مع الأجنبي في خط الوجهة العامة، فكل يطالب بتغيير، وكل يتصور التغيير تصوره الخاص.
ويترقب الناس التنمية الاقتصادية وتأثير هذه الأعداد المتعلمة في مدارسنا على الفقر والجهل والمرض بيننا، فإذا الذي يرونه هي مشاريع البناء العمراني الماثلة من عدم. هذه سدود عظيمة صممها مهندس اشتراكي أو مهندس غيره وأنفق عليها مال أجنبي، وسهرت على تشييدها عقول أجنبية، وذلك طبعا بمساهمة مهندسينا. فنحن طرف مساهم ما لنا مبادرة إلا مبادرة طلب العون وتلقيه. فلذلك لا نستطيع تغيير عقلية أمتنا ما دام ليس لنا بشؤوننا استقلال.
<a href="https://siraj.net/ar/read?id=1051&amp;page=718">الإسلام غدا، ص: 708-711</a>

التعليم مفتاح التنمية

التعليم طريق البناء وإعداد المستقبل

إهانة رجال ونساء التعليم أعظم رزية

التعليم الصوري..صيحة عبد السلام ياسين للإصلاح

التعليم المغربي بين عوامل الفشل وسبل العلاج

السياسة والحكم

التعليم مفتاح التنمية

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

صور من محبة رسول الله ﷺ

خطاب الروح الصليبي وبطشه

الأنانية والجشع وصناعة الفساد

في الذكرى 77 للنكبة.. “إسرائيل الابتلاء” وشروط النصر

خير نساء طلعت عليهن الشمس

أفق النظام العالمي

مقالات ذات صلة