post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم
إن القرآن والسنة قابلان للتفسير والتأويل رغم أنهما مصدرا التشريع؛ يقدم القرآن أحكام الشرع التي يمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحياته وجهاده المثال والمنهاج الحي لتطبيقها. وتمتاز الحكمة النبوية بكونها تستنير بنور الوحي كما أنها تستفيد من دروس وعبر عصرها وزمانها. لكن السير على خطى رسول الله مهمة عسيرة وشاقة لأنها تمثل تحديا للعقل وللإرادة في آن واحد حيث لا يمكن أبدا إعادة إنتاج التاريخ كما كان. كما أن اتباع المنهاج النبوي لا يمكن أن يعني العودة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية لبلد وزمن الرسول صلى الله عليه وسلم. لذا يقتضي الأمر في عصرنا الحالي ابتكار أساليب وآليات مناسبة لإقامة الإسلام كما عاشه رسول الله وأصحابه، باعتباره يقظة قلبية وسلوكا اختياريا إلى الله وجهادا أنفسيا وجهادا آفاقياً في سبيل الله، وهو سبيل يخدم قضايا الإنسانية وقضية الرقي بالمسلمين خلقيا وروحيا. تعتبر الوقائع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي واجه الإسلام تراكماتها في القرن السابع من تاريخ النصارى مختلفة أشد الاختلاف عن الوقائع كبيرة الحجم وبالغة التعقيد للقرن العشرين المليء بمخاطر جمة مهددة للإنسانية. فعصرنا الحالي يشهد تطورا مهولا وسريعا للعلوم بينما نجد ذلك الإنسان الجاهلي، صغير الحجم والمتحكم في رقاب العالم، لم يفتأ يتقهقر خلقيا وروحيا مذ أن انقطع عن الله مما جعل العالم يعيش خطرا جسيما وعنفا ينذر بكارثة وشيكة. ومن سمات ذلك ما نشهده من اضطرابات اقتصادية ومالية، وعجز في الطاقة، وغياب الاستقرار السياسي، وغليان ثلث أو ربع العالم تثيره وتتعهده مؤامرات القوى الإمبريالية المتصارعة فيما بينها للسيطرة على العالم. في هذه الظروف العصيبة ينبغي للإسلام أن يجد حلولا لما ألم بالأمة والإنسانية من سوء، وينبغي لسنة رسول الله وللنموذج النبوي ولعلم المنهاج أن يدلوا على طريق الخلاص الإنسانية المعذبة والشعوب المسلمة المضطهدة والمقسمة مدة طويلة والتي أساء الحكام دوما تدبير شؤونها. يقتضي هذا الوضع الرديء تطبيق منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنزيل العلم الذي أثله، لا لاجتثاث جذور جاهلية ساذجة وأمية وإنما لاستئصال جاهلية عصرنا المتعلمة بامتياز والمجهزة بالأسلحة المروعة. ولا يقتضي هذا الواقع الذي نعيش ترديه مجابهة قبلية بدائية وإنما تجاوز القبليات المتطورة المرتدية لباس القومية، وربح معركة استقلالنا السياسي والاقتصادي والثقافي عن الإمبرياليات، وهزم حضارة جاهلية متكتلة في مواجهة باقي العالم رغم صراعاتها الداخلية، وتحرير عقولنا من الإيديولوجيات الجاهلية وقلوبنا من الدوافع الأنانية. ويتطلب الأمر أساسا تربية الشخصية المسلمة وإعادة بناء المجتمع الأخوي المتآزر تحت راية الإسلام وعلى أرض الإسلام المدعوة لاحتضان حضارة جديدة للإنسان. سيحرر علم المنهاج النبوي القوة اللازمة للمعركة الضخمة التي تنتظرنا في فجر القرن الخامس عشر من الهجرة، المبشر إن شاء الله بالبزوغ المدوي للإسلام. ينبغي أن نجسد على أرض الواقع -كتاب الله المنظور- النموذج النبوي والنص القرآني المنزه بعد عملية التعرف على الوضع الميداني وجرد مختلف المشاكل. لا يمكن للقراءة الثنائية للكتاب والسنة أن يكون لها أثر عملي في أرض الواقع إلا إذا واكبتها قراءة للوقائع الميدانية في العالم، تقوم بها إنسانية تعيش معاني الحب في الله وتحركها نية الجهاد في سبيله. ينبغي لهذه الإنسانية لتكون محبة ومجاهدة أن تربى تربية منهاجية، أي تربية على مدارج الخصال الإيمانية، وعلى خطى الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله إلينا وأوصانا بأن نقتدي به في كل أمورنا كما ورد في الآية الكريمة : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم. سورة آل عمران الآية 31.
&nbsp;
من كتاب « LA RÉVOLUTION À L’HEURE DE L’ISLAM » ترجمة الأستاذ حسن مودن
&nbsp;

التزكية والدعوة

التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

من شعب الإيمان الصوم

رمضان وافى

من يحصي أنعما أوليتها؟

التوبة واليقظة

كيف نتعلم من سنة الله في التاريخ؟

قواعد ذهبية في تربية النَّشْء

مقالات ذات صلة