post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

المحجورتان المقهورتان: العربية والأمازيغية:
هل توحِّدُ يوما الأمازيغية وسياستها الثقافية وثقافتها السياسية المتفاقِمَ غَيْرَ المتناغِم من أوشاب الناسِ وطبقاتهم الاجتماعية؟ هل تُساهم في رَبْط الشعب ربطا عضويّاً وهي أساسا ثقافَة فئة من المغاربة، بل هي لهجات فئات من المغاربة؟ هل تُساهم في تنغيم الانسجام الثّقافي المطلوبِ المرغوبِ الغائبِ الممتنِع، وهي نغمة خاصَّةٌ، بل نغَمات؟ هل تنجح الأمازيغية الثقافية حيث فَشِلت الشعبية السياسية الوطنية البربرية، وتوحِّد وتجمَع بالنضال اللغوي ما لم تجمعه السياسة بالنضال السياسي؟
محجورتان مقهورتان
إن للغة ارتباطا عضويا بالفكر، والشعور، ومظاهر الحياة المادية، وبواطن الحياة الروحية، وبالسلوك، والأخلاق، وبالعلوم، وبالعدل، والتنمية، ونظام الحكم. والأمازيغية الثقافية ضعيفة البُنية، قليلة الكفاءة، قاصرةٌ عن الربط، وتقويم الخُلُق، والنهوض بأعباء التنمية وترويض العلوم. وما لَعِبُها، ولعبُ العربوفونية القومية اللادينية، في ساحة المحجورين الـمُهَمشين عن ميدان الفعل والتصرُّف إلا تسلية وسُلوان.
واللغة السيدة بالفعل هي اللغة الإفرنجية المسيرة للإدارة والاقتصاد ودواوين الدولة.
تختصم المحجورتان، العربيةُ والأمازيغية، وتلعبان في الساحات الصغيرة وللكبار عنهما عُزوف، ومنهما اشمئزاز، ولهما ازدراء. وكأننا شعب بدائي، وكأن أحزابنا السياسية، الوطنية منها الشعبية، والديمقراطية، والتقدمية اليسارية، واليمينية اللبرالية، رُقَعٌ مُلوَّنة لُفِّقَتْ على ثوبٍ ممزق. كأن نسيجنا الاجتماعي اتسعت خروقه على الراقع، فجلس الناس يزيدونه تمزيقا على تمزيق.
كأننا شعب بدائي لا سبيل له إلى العالمية الإنسانية الوسيعة إلا بتبنّي اللهجات، وعرض الفلكلورات على السائح والجائح! نتبنى القضايا الصغيرة، ونعرضُ على الناس، كاذبين على أنفسنا، خصوصياتِنا المحلية لنوهِم الناس ونوهِم أنفسنا أننا في قِمَّة الرُّقيِّ الثقافي، وعلى رأس القافلة في التجمعات الفرنكوفونية، نتميز عن الناطقين بها بعبقرية لها مذاق ألف ليلة وليلة، وعبيرُ النسمات الأطلسية.
ما هذا الأمر لَعِبٌ، بل هو جد. ما هي القضية هُوَيةً ثقافية نستعيد بها الثقة بأنفسنا، بل هي قضية مستقبلٍ في العالم، نكون فيه أمة عزيزة، أو صفرا على الشِّمال، وهملا، وأشباهَ رجالٍ ونساء، ولا رجال ولا نساءَ.
إن الازدواجية اللغوية الضرورية ريثما&#8230; بين لغة الأمة وبين لغةٍ من لُغات العلوم والصناعة، لا تحتَمل أن تناهضها ازدواجيات محلية. نَعلَم يوماً ما، حين يكتمل وعينا بما نحن في العالم وما رسالتنا، أن اللغة الأجنبية الضرورية ريثما&#8230; هي عندنا عاريةٌ وعَصاً يتوكأ عليها الأعرج. فذلك من ضرورات المعاش أن يتوكأ الأعرج ريثما تصح رجلاه.
أما أن تتقاتل فيما بيننا، نحن المسلمين، وتزدوج، وتتثلث، وتتربع، لغات ولهجات فذلك التمزيقُ المميتُ. تُفضي الازدواجيات المتقاتلة إلى ازدواجية في الوَلاء، ويُفضي ازدواجُ الوَلاء عاجلا أو آجلا إلى خصام كالذي نشاهدهُ في بلجيكا وكندا حيث تتصارع لغتان وثقافتان، وحيث يطلب الفلامانيونَ البلجيك الانفصال الكليَّ عن الفرنكوفونيين الوَالُّون البلجيك، وحيث يَحتكم الكنديون في كيبيك إلى صناديق الاستفتاء ليستقِلّوا استقلالا كاملا ونهائيا عن الدولة الكندية المزدوجةِ اللغةِ مبدئيا، الأنجلوفونية عمليا وسياديا.
الازدواجيات المتصارعة في الساحات الثقافية، لا تلبث أن تُشعل حريقا سياسيا في البيت، وأن تُحْرِق الأخضَرَ باليابس لتلتقط أسلاب السيادة. فتُهدَرُ جهود وطاقات، ويتسلسل الانفكاك والتفكك، ويُسحبُ الشعب الواحد إلى الحرب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر.  <a href="http://siraj.net/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D8%B9-%D8%B5%D8%AF%D9%8A%D9%82-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA%D9%8A-10.132.q.%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA%D9%8A%D8%A9.html#page/133" target="_blank" rel="noopener">حوار مع صديق أمازيغي، ص 133-135.</a>
&nbsp;

المحجورتان المقهورتان: العربية والأمازيغية

خطاب الروح الصليبي وبطشه

كيف نتعلم من سنة الله في التاريخ؟

ما هي كلمتنا في حقوق الإنسان؟

المسخ التطبيعي مع الصهيونية

نموذج الحياة الجماعية

جهاد محمد بن عبد الكريم الخطابي بعيون الإمام ياسين

قضايا فكرية

المحجورتان المقهورتان: العربية والأمازيغية

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

الحج تربية

الحج مطهرة وهداية

فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

من شعب الإيمان..الحج والعمرة

صور من محبة رسول الله ﷺ

خطاب الروح الصليبي وبطشه

مقالات ذات صلة