post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

حين تقود الغرائز القيم!
تبخر الحياء الفطري بعد اندثار الوازع الديني. فالغرائز تقود القِيَم. والمستمسكات بدينهن كالقابضات على الجمر في وسائل النقل والحافلات المكتظة والقطارات. جوٌّ تشعر فيه بالارتياح تلك التي جرَّدها من الدين ومن الحياء جو الفساد العام، فهي في تماسِّ جسمها مع جسوم الرجال كالسمكة تنتعش في الماء. حطٌّ في شأنها، وإهْدارٌ لكرامتها وخنق لحريتها أن تعزلها أو تحدثها عن حياء وحِشمة.
إن نداء تحرير المرأة التحرير الدوابّيَّ يعبِّئُ النسوة لأن معه شاهدين اثنين، وحُجتين اثنتين. أولاهما البؤس الذي تعاني منه المرأة في بلاد المسلمين والظلم الذي يجب تغييره بالنضال الحزبي النقابي النسوي المنضوي تحت لواء عالمية المرأة المناضلة قبل كل دين، ودون أي دين، ورغم كل دين. الشاهد الثاني والحجة المعبئة ضد الدين هي تزمت فقهاء الحَصْرِ والسَّجْن في البيت، والتجميد في الفكر، والتنكُّر للعصر.
وللنضال النسوي، والتبرج والاختلاط، زعيمات لا يفصل في فلسفتهن وسلوكهن فاصل بين السياسة والأخلاق. فضيلة واحدة هي أم الفضائل. حرية المرأة في امتلاك جسمها، تفعل به وفيه ما تشاء. فهي تعتني بعالم بدنها، وتنفق مالها لتزيين ساقيها، وتصفيف شعرها عند أشهر حلاق مختلط، واصطفاء آخر الموضات، ومنافسة الرفيقة في المكتب، والزميلة في المهنة، والجارة والقريبة. نضال، وحرية، ورغَدُ عيش، وثقافة أمريكانية، والإسلام العدُوُّ.
أما الكاسبة البائسة الأمية -أرملةً ومطلقةً وعانساً- فهمها في تحسين أوضاعها المعيشية، كأحقر ما تكون المعيشة. بوائس خادمات في بيت المتبرجة المترفة، يقدمن للضيفات المختلطين أنواع الحلال والحرام، ويتعلمن من مشاهد الانحلال، وكوامن الفحشاء، ما يأتي على إسلامهن الموروث، وما يقضي على بقايا الحياء وحواجز العفة مما تربين عليه في حضن الأم النازحة من البادية، ومما حافظت عليه الجدة الفلاّحة. وهكذا يسري فساد الاختلاط وهوسه من طبقة اجتماعية إلى طبقة. المترفات والمترفون يَحْسُونه خَمْرة رائقة، والبائسات يتجرَّعنَه علقما انتحاريا.
يوضع السؤال على المتحجبات المتعففات، ويُستغرَب مظهَرُهن، ويُسخَرُ من عقليتهن المتخلفة. تسأل وتستغرب وتسخر المشغوفة بجسمها ومظهرها، المجنون بها الرجل لَمَّا جننته، المفتونُ بها لَمَّا فتنته، ولَمَّا نضَبَ في شرايين نفسيتها ونفسيته الإيمان، ولما تغرب هو عن المسجد، وتغربت عنها هي روح المسجد. بعُدَت الشُّقّة النفسية بين مجانين الاختلاط ومجنوناته، وبين الأوّاباتِ والأوابين الذين كانوا يضجون في المسجد فزعا إذا ذكروا بعذاب القبر. تنوير المؤمنات، ج 2، ص 112-113.

المرأة والأسرة

حين تقود الغرائز القيم!

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

هكذا قال الإمام في حرية الصحافة

الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الكسب

حقوق العمال

من أصبح آمنا في سربه

كيف نقرأ التاريخ الفلسطيني؟

دروس تربوية من جهاد النبوة وهديها

مقالات ذات صلة