مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسينمدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين
مدرسة الإمام المجدد
عبد السلام ياسين

المرأة والأسرة

روح الزوجية وأصل الاستقرار الأسري

بالمودة والرحمة الحميمين يتميز الزواج المطابِق بالقصد والفعل والتوفيق الإلهي للفطرة. وبهما لا بمجرد العَقْد القانوني يحصل الاستقرار في البيت، وبالاستقرار في البيت يشيع الاستقرار في المجتمع. الاستقرار أصْلُه ومثواه الزوج المؤمنة الصالحة الناظرة إلى مثال الكمال في خطاب الله عز وجل لنساء نبيه: ﴿ يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ ﴾-1.
أصل الاستقرار ومثواه ومِرْساتُه الزوج الصالحة المنخرطة في سياق الاستقرار. فعل الأمر «قَرْنَ» يحمل معاني الوَقار والقرار، ومعانيَ الحياء والحشمة، ومعاني الثبات والوفاء. إذا لَم تجْرِ في قنوات المجتمع هذه المعاني منبعثة من كل بيت، متغذية من منابع القلوب الطاهرة الراضية بنصيبها من الحياة الدنيا ومتاعها وزينتها، فالمجتمعُ ساحة مفتوحة للنهب، أولُ منهوب فيها مظلوم المرأة العانس، أو المرأة المعتقلة في زواج فاشل رديء.
نحتفظ بالرباط الفطري القلبي الذي هو روح الزوجية: المودة والرحمة المتبادلين ينشأ عنهما الاستقرار والوقار. والمرأة فاعلة في هذا مُجلِّيَةٌ فيه مُقدَّمةٌ. من لطافة عواطِفِها تشتقُّ الرحمة بين الناس. مَنْ مِثْلُها يبَرّ الوالـدين، ويصلُ الرحِمَ، ويحفظ حق الزوج، ويصبر للأطفال، ويرعى حرمة الجوار، ويعطِف على المحتاج، ويكفُل اليتيم، ويُطبب المريض، ويحسن إلى الضعيف؟ فإن كانت المرأة محرومة من دواعي السَّكَن في بيتها، وكانت مشردة لا بيت لها ولا زوج، أو كانت تتقاذفُها رياحُ البهرجة في مجتمع الإباحية فما من قانون يعوضها عن فقْدها العاطفي، ما من ثروة تقوم لها مقام السعادة الزوجية.

-1 سورة الأحزاب، الآيتان 32-33.

تابع القراءة في عبد السلام ياسين، العدل، الإسلاميون والحكم، ص 292.

أضف تعليقك (0 )



















يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة ممكنة. تعرف على المزيد