في شروط الخروج من طوق التخلف
نموذجهم أصل البلاء
إن البلاد المتخلفة لا تخرج من طوق التخلف مهما ملكت من مواد خام، ومن أموال كسبتها من تصدير موادها، ومن يد عاملة. لا تخرج من التخلف إن لم يتغير موقف الناس وذهنيتهم ولم يشاركوا في صنع مصيرهم. وكل مظاهر النمو المستوردة إلى شعب لم ينهض لصنع مستقبله إنما هي زينة زائفة، ورموز عن التخلف المزمن كاشفة.
تحتاج دولة القرآن النموذج في التنمية، والإستراتيجية لقيادة معارك التنمية، نابعين من تركيبنا الإيماني الجهادي المتجدد، مستمدين من أصلنا، واعيين بأهدافنا وغايتنا، فطنين بالواقع العالمي وخصائص العصر، يمكناننا من اكتساب الوسائل العلمية، واستعمال عوامل الاقتصاد المادية والمعنوية والبشرية بكيفية تحرك الواقع لصالحنا. ولن نجد في النموذج التائه بلا غاية من وراء مسلسل الإنتاج والاستهلاك، وتلك الإستراتيجيات القائمة على حروب نهب الشعوب واستعباد العباد.
قال صاحبنا المهتدي رجاء جارودي: «إن أصل مشاكل العالم في هذا العصر، من مشكل الجوع إلى مشكل التسلح وهما وجهان لنفس المشكل، إلى مشكل انعدام معنى وغاية الحياة في الغرب (…) إلى مشكل العنف الفردي والجماعي، إلى مشكل القمع الداخلي، إنما هو النموذج الغربي للنمو. مؤدى هذا النموذج أن ننتج أكثر فأكثر، وبسرعة متزايدة، كل الأشياء، بقطع النظر عن كونها مفيدة، أو غير مفيدة، أو ضارة، أو قاتلة مثل الأسلحة النووية وغيرها. وأن نفرض استهلاك هذه الأشياء على الجميع بواسطة الإشهار والتسويق، وبالأخص بواسطة المنافسة الخسيسة التي يتولد عنها التفاوت الاجتماعي. يوهم هذا النموذج أن «السعادة» و»التنمية» مرادفان «لمستوى المعيشة» ولكمية المنتوجات المستهلكة. يستغل هذا النموذج بؤس الجائعين وأحلامهم في العالم ليقنعهم أن باستطاعتهم، وأن من واجبهم، أن يسلكوا مسلكه ليخرجوا من بؤسهم، وليروا أحلامهم تتحقق. والأرقام تدل على إفلاس هذا النموذج «لسوء التنمية»، وإفلاس «سوء إدارة الكرة الأرضية»، كما تدل على مدى الكارثة!
أضف تعليقك (0 )