post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

مغرب التناقض والتقاطب:
هل تَسخُو نفوسٌ سلَّح نضالَها زمَناً فكرٌ أجنبي، وهل تنعتق عقول وجَّهَتْ تفكيرَها زمناً منهجية أجنبية، بالعِوَض الإسلامي؟ هذا مَدارُ هَمِّنا وبُؤْبُؤُ تَهَمُّمِنَا. استفحل التناقض في الموضوع، وهو تاريخ المغرب، وادلهَمَّتْ آفاقُ التناقضات في مستقبل المغرب. ما كان المغرب مغربَيْن متقاطبيْن متباعِديْن متدابِرَيْنِ كما هو الآن، وكما يُهَدِّدُ كَيْنونتَهُ مستقبلٌ غامضٌ غموضَ العقول التي تدحرجُه على حافة الكارثة ومشارف الطوفان.
مغرب الأغنياء المترفين على مرأىً ومسمَع من بؤس المحرومين. مغربُ الانحلالِ الخلُقيِّ في عُقْر دارِ «إمارة المؤمنين» المزيّفة. مغرب الظلم والرشوة واحتقار الإنسان في مجتمع يرفع المنصِب الحكومي والثروة والقرابات الظالِمَ ويجعله في مأمن مِن الـمُساءلَة والمعاقبة. مغربٌ يحلُم به بعضهم لاييكيا ملحدا أو على الأقل محايِدا في الدين، وإنما عِصمته ومنعته وقوته، كانت ولا تزالُ ولن تزالَ، الدين. مغرب على عتبة مستقبل عالميٍّ مُخيفٍ تضَخَّمتْ فيه الرأسمالية اللبرالية المتوحشة وقد تسلّحَتْ بالسلاح ذي الطلَقات السريعة البرقية. أعني تكنولوجيا المعلوماتية، واتخذتْ في الفضاءِ كواكِبَ للترصد والـمُراقبة.
هل ترجع نفوسٌ وعقولٌ من الاكتئاب العاجز عن فهم ما يجري في المغرب وفي العالَمِ، ومِنَ الإنصاتِ الأَسيفِ الغبيِّ لفتوى صندوق النقد الدُّوَلي يخبرنا تارة أن المغرب تلميذٌ من تلامذته الأذكياء، وتارة أن المغربَ في فُوَّهة الكارثة.
الـمُبْتَغَى -كان- من تبنّي الإديولوجية الجدلية المادية مَحْوَ الفوارق بين الطبقات، والفوارق لا تزداد إلاّ شَساعةً. المبتغى -كان- تحريرَ المغرب من التبعية السياسية الاقتصادية، والتبعية لا تزالُ القَيْدَ في أيدينا. الـمُؤمَّلُ-كان- تَحريرَ المغرب من الملَكيّة الوراثية، والمغرب لا يزالُ غُلّ الوراثية في عُنُقه، و«الثورةُ» التي غنَّى نشيدَها طلائِعُ التقدمية الاشتراكية المناضلة تحَولَّت مطلبِيّة إصلاحية ديمقراطية بعدَ أن تلاشت رِمَمُ مناضلين عذِّبُوا وأقْبروا، وبَعد أن شاخ في سجون الملك، تحت سِياط جلاوِزةِ الملك، شبابٌ، وضاعت أحلام.
بسَطْنَا الحجّةَ السياسيَّةَ، وفكَّرْنا التفكيرَ السياسيَّ بين يدي دعوةٍ إلى توبةٍ جذْرِيّةٍ انقلابية من الآذان ما لا يسمَع إلا لغة الـمُبتغى الاقتصادي الاجتماعي، والـمُؤَمّلَ السياسي التغييري. وها هو الفشَلُ ضارِباً أطنابه، والخيبةُ ناشرَةً ذيولَها في الربوع. التنمية والكفاية والحرية والكرامة ممتَنعاتٌ. والملَكِيَّةُ دكتاتوريّة ما استطاع الفكرُ الجدليُّ أن يعبئَ لإسقاطها جُمهورا. و«النخبة» التقدميةُ تَنْسَلُّ خيوط نَسيجِها، وينخَرِقُ ثَوْبُ نظامها خِرَقاً باليةً يُرقِّع بها النظامُ الملكيُّ -عدُّو الأمسِ قريبُ اليوم- رداءَهُ البهْلَوانيَّ.
هلْ نرجعُ توبَةً إلى الله وتحَوُّلاً من التفكير السياسي المادي الجدلي الأرضي إلى التفكير في مصيري أنا بعد الموت، ورسالتي أنا وأمتي في الحياة، ومصيري أنا وأمتي بين مصائر الأممِ. <a href="http://siraj.net/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B6%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-8.216.q.%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8.html#page/215" target="_blank" rel="noopener noreferrer">حوار الماضي والمستقبل، ص 215-217.</a>

مغرب التناقض والتقاطب

أسرى الحرب في الإسلام

الله ابتعثنا

جهاد محمد بن عبد الكريم الخطابي بعيون الإمام ياسين

السياسة والحكم

مغرب التناقض والتقاطب

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

كرامة المرأة العاملة

سباق لطلب الزلفى

من شعب الإيمان الصوم

المؤمنة مشرفة مكلفة

رمضان وافى

من يحصي أنعما أوليتها؟

مقالات ذات صلة