إن اختيار اليهود لأرض فلسطين لتكون وطنا قوميا لهم، لم يكن في واقع الأمر وليد ما بعد الحرب العالمية الثانية، وما أفرزته من اضطهاد وقمع وتشريد للعنصر اليهودي، ولم يكن اختيار فلسطين بدافع جغرافي أو سياسي أو اقتصادي، وإن كان حضور هذه الدوافع موجودا لكون فلسطين ومنذ القدم كانت محط أطماع خارجية كثيرة نظرا للموقع الجيوستراجي الذي تتميز به منطقة الهلال الخصيب عموما من إمكانات فلاحية وثروات بحرية ومعدنية وفلاحية كبيرة، وتعد فلسطين جزءا من هذه الرقعة الجغرافية الزاخرة بالثروات، لذلك كانت محط أطماع اليهود المتطلعين لدولة إسرائيل التاريخية من النيل إلى الفرات.
لا يمكن أن تُذكر “اليهودية والصهيونية” دون أن يَستدعي الذهن في اللحظة والتَّوِّ عبد الوهاب المسيري ـ رحمه الله ـ ذلك أن الرجل قضى شطرا طويلا من عمره يفتش وينقب ويدقق ويحقق في أوراق اليهود وكتبهم وتاريخهم وما كُتب عليهم حتى خرج علينا برؤية معرفية مغايرة تماما ضمَّنها “موسوعته” الشهيرة. تتسم بـ “الوضوح وصفاء الرؤية”
في بحثنا هذا سنرصد فهم الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله للقضية، وكيف نظر إلى الرؤية…
فما نراه من مجازر الكيان الصهيوني في حق الأبرياء العزل، وما يفعله هذا الكيان المشؤوم في أمتنا عموما وفي حق إخوتنا في غزة على وجه الخصوص لا ينبغي أن يكون سببا لضعف يقيننا ولجبننا وعجزنا، بل يجب أن يقوينا، فإن الاستعلاء لا محالة سيحصل للمؤمنين الموقنين في نصره المستفرغين الجهد في سبيل إعلاء كلمته، وستخفق على رؤوس المجاهدين بإذن الله رايات النصر في الدنيا ولافتات السعادة في درجات الآخرة.
يبدو المستقبل ملبدا بالسحب إذا ما اعتبرنا عجرفة وطيش الرئيس الحالي للحكومة الصهيونية نتنياهو واستنطقنا العقيدة اليهودية التي تجعل من “الأمميين” –غير اليهود- كائنات خلقت لتستغل بالإقراض الربوي خاصة، وبغيره من طرق الاستغلال. ” أمميون” مصيرهم -حسب التأويل المتطرف للتوراة- الإبادة، إن هم حالوا دون تنفيذ مشاريع الشعب المختار.
ننظر في آخر الديباجة، فنقرأ نداء «ليبذل كل الأفراد وكل المنظمات الاجتماعية المستوحية لهذا الإعلان جهودهم في التعليم والتربية، لينموا احترام هذه الحقوق والحريات، وليُؤَمنوا الاعتراف بها، وتطبيقها العالمي والفعلي بإجراءات تدريجية على الصعيد القومي والدولي، سواء وسط شعوب الدول العضوة نفسها أو وسط الشعوب التي تحت سيطرتها».
كانت أوربا في حاجة ماسة إلى حوض يستقبل ما فاض عنها من العنصر اليهودي، بالغ الذكاء، فائق النشاط، شديد المهارة في التجارة، العنصر المزعج الذي تنظم وألح على الدول/ الأمم الأوربية السالكة سبيل الديموقراطية أن تمنحه حقوقا وتملكه أرضا تطلع عليها الشمس. وما قضية دريفوس في فرنسا إلا مثال بين لظهور اليهود في الساحة واستغلال الإمكانيات التي استحدثها العصر لمكافحة الظلم والتأثير على الرأي العام بواسطة إعلام حر تسلل إليه المال اليهودي والنخبة المثقفة اليهودية.
نحن إذا عرضنا الآية، وهي في آخر سورة الإسراء، على الآيات الواردة في أوائل السورة تبين لنا أن هنالك “وعد أولاهما” أي وعد الإفساد في الأرض، و”وعد الآخرة” وهو المرة الآخرة التي يفسد فيها بنو إسرائيل في الأرض. فسكنى بني إسرائيل الأرض انتشارهم فيها، في أرجائها جميعا، يفسدون فيها ولا يصلحون. وتلك علامة قدرية على أن زمان تسْليط رب العزة عليهم عبادا له يسوؤون وجوههم
لنترك إدانة الأعداء، إدانة الصهاينة المجرمين، ولننظر العبرة في وفاة رجل، في استشهاد رجل، رجل كريم عند الله، رجل من أبطال هذه الأمة وقادتها. العبرة في ذلك الجسيم النحيل المريض، وفي ذلك الصوت الرقيق الذي طالما تلى آيات الله وصلى لله وناجى ربه عز وجل. العبرة في رجل أنشأ الله عز وجل به جيلا بل أجيالا من أبطال الإسلام. حيى الله تلك الوجوه في فلسطين، أولئك الذين رفعوا للأمة راية المجد في هذا الزمن، حياهم الله، وزادهم الله رفعة، ونصرهم الله.
انطلقت بعون الله وتوفيقه صباح اليوم الأحد 03 جمادى الآخرة 1445ه الموافق لـ 17 دجنبر 2023م بمدينة سلا ـ المغرب الأقصى، فعاليات الذكرى الحادية عشرة لرحيل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، والتي استهلت بتلاوة آيات بينات من سورة الروم بصوت القارئ الأستاذ عبد الرحمن بن الطاهر
فلسطين في فكر الإمام عبد السلام ياسين” عنوان إصدار جديد لمؤسسة الإمام…
تمرّ في مثل هذا اليوم 20 من شهر نونبر ذكرى استشهاد أحد أعلام الجهاد…