يحل فصل الصيف بما يحمله من خصوصيات ومظاهر تميزه عن باقي الفصول، فهو فصل الحر والعطلة، فصل الراحة والتخفف من روتين العام الدراسي وضغط العمل اليومي، كما أنه موسم السفر والتلاقي والتجمعات العائلية، حيث تمتلئ الأماكن العامة والمصايف بالحركة والحياة. وليس من الغريب أن يختار كثير من الناس فصل الصيف للاحتفال بالمناسبات السعيدة كالأعراس واللقاءات العائلية، حتى غدا يعرف عند الناس بـ”فصل الفرح بامتياز”.
كتب الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله في كتابه الإسلام غدا: «سنة الله في الكون أن تسري الهداية بالميراث الروحي كما تسري خصائص الجسم بالتناسل البيولوجي. ويسرى من المصحوب المقبور لتابعه نورانية ولا شك، إلا أنها لا تبلغ أبدا أن تعطيه الميلاد الروحي الذي يوجدك في عالم لا تولد فيه إن لم تكن لك أبوة، وإن لم تزرع في أرض نفسك فحولةُ الأب الروحي بَذْرَةَ الحياة.»[1]
والحج رحلة لها مضمون كما الرسالة لها مضمون، رسالة الحج هو التوبة إلى الله والإنابة إلى الله والافتقار إلى الله والانكسار بين يدي الله، فـ”أَنا عِندَ المُنكَسِرَةِ قُلوبُهُم” و﴿ إِنَّما الصَّدَقاتُ لِلفُقَراء ﴾، فينبغي أن تذهب فقيرا لتعود بالله غنيا، وتذهب ضعيفا لتعود بالله قويا، وتذهب لتعرض ذنوبك وعيوبك حتى تعود نقيا تقيا طيبا زكيا. ومضمونها الرحمة ﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا رَحمَةً لِلعالَمينَ﴾. فالإنسان يتزود في رحلة الحج برحمات يراها ورحمات يسمعها ورحمات يعيشها ورحمات يذوقها، فـ”الرّاحِمونَ يَرحَمُهمُ الرَّحمَن” و”ارحَموا مَن في الأَرضِ يَرحَمكُم مَن في السَّماء”. فإنت تتزود رحمة لتفيض بها على غيرك، وأنت تغرف بمغرفة قلبك من رحمات ربك، التي فيها هناك “ما لا عَينٌ وَلا أُذُنٌ سَمِعَت وَلا خَطَرَ عَلى قَلبِ بَشَر”، لتعود فتغرف بمغرفة لسانك وعملك وأخلاقك وسلوكك من تلك الرحمات خيرا تطعمه غيرها.
لو سألت خبيرا من الخبراء عن معنى التجارة مختصرا في كلمة، لقال: الربح. ولو سألت عالما من العلماء عن معنى الدين مختصرا في كلمة، لقال: الاستقامة. ولو سألت وليا من أولياء الله تعالى عن معنى السلوك مختصرا في كلمة، لقال: التخلّق. الرّبح يقتضي عملية البيع والشراء، والاستقامة تقتضي امتثال أمر الله عز وجل واجتناب نهيه، والتخلّق يقتضي التّخلي عن الرذائل والتّحلي بالفضائل. هذا باختصار، فما معنى الاستقامة وما معنى السلوك وما العلاقة بينهما؟
العنوان مركب من ثلاث كلمات، والثلاثيات جمع ثلاثية وتعني الثلاثة من كل شيء، والعدد ثلاثة يفيد معاني كثيرة؛ منها الكمال والتكامل والتوازن والحركة والنشاط والإبداع والنمو والتطور والتفاؤل والقدرة والطاقة والمشاركة والتواصل والتفاهم وغيرها… و«المنهاج» آلية للنهج؛ أي للسلوك.. فهما وتوجيها وممارسة. و«النبوي» صفة للنبوة، ووصلة بالنبع الصافي والأصل الأصيل المستمد من نور مشكاة الحبيب المصطفى