يخلُص الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله من هذه الآية إلى ( أن البرَ مخالقَةُ طوائف الناس من ذوي القربى والمحتاجين بأخلاق البذل والإكرام ببواعث الإيمان والإحسان وفضائل الصدق والتقوى. البر سلوك متماسك، أخلاقي ديني اقتصادي اجتماعي، في البأساء والضراء وحين البأس، باعثُهُ الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيئين.
عيد الأضحى هو أكبر العيدين عند المسلمين (عيد الأضحى وعيد الفطر)، ويوافق يوم العاشر من شهر ذي الحجة من كل سنة هجرية، وقد سنَّ الاحتفال به النبي إبراهيم صلى الله عليه وسلم ومن ثمة انتشرت فكرة الأضحية والتضحية في الأمم التالية، وأصابها ما أصاب باقي السنن من البلى والتحريف، إلى أن جدَّد هذه الشعيرة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم،
في حجته الأخيرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لخمس بقين من شهر ذي القعدة، ولما أتى بطن الوادي بعرفة، يوم التاسع من شهر ذي الحجة في السنة العشرة للهجرة، وحوله مائة ألف وأربعة وعشرون أو أربعة وأربعون ألفا من الناس[1]، وقف صلى الله عليه وسلم على هضبة تسمى جبل الرحمة، وقام فيهم خطيبا مُبينا وواعظا مذكرا وموصيا مودعا، حيث بين للناس كليات شريعة الإسلام ومكارم أخلاقه، وودَّعهم آخذا عنهم العهد في تبليغ رسالة الإسلام إلى العالمين.
ليس عبثا أن تفتتح أول سورة من المصحف ببيان شرط فهم القرآن ومفتاح تدبره، وهو التقوى والإيمان بالغيب، إذا لم يتوفرا فما تغني التلاوة أو حفظ الحروف. فقد كان سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يخبر عن السابقين الأول من صحابة رسول الله ويقول : «أوتينا الإيمان قبل القرآن».» لذلك كانت علاقتهم بالتنزيل تصديقا ينهض للعمل، وإيمانا يصدقه الفعل.
تتتبع هذه المقالات قراءة الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه لتراث الإمام الغزالي، من خلال قراءة استقرائية للنصوص الغزالية وتوظيفها في مناسبات عديدة، ويعود اهتمام الأستاذ عبد السلام ياسين بتراث الغزالي إلى مؤلفاته البيداغوجية الأولى، وأقصد الكتب الثلاثة التي ألفها في بداية الستينيات من القرن العشرين، أي أثناء اشتغاله بإدارة وتسيير مركز تكوين المعلمين، وهي المؤلفات التي أصبحت بعد الاستعمار من أهم المصادر المغربية في علوم التربية