لقد أكد الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله على أن الحاجة إلى تجديد الدين حاجة عامة تهم النساء والرجال على حد سواء، وقد اعتمد في ذلك على ثلاثة أحاديث شريفة تؤصل لمسألة التجديد، وتؤكد أن التجديد يجب أن يكون على مستويين: الأول عقدي إيماني فردي، والثاني تجديد على مستوى إقامة الدين وتحكيمه والتحاكم إليه في حياة الجماعة، إنه الامتثال لأمر الله بالعدل والإحسان. وقضية المرأة لا يمكن أن تخرج عن هذا الإطار، تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه تجديد الإيمان في القلب، وتجديد الدين على الأرض.
لقد كرم الله تعالى المرأة بين الناس تكريما خاصا، وجعل لها مكانة متميزة بما وهبها من فضائل جمة، وهبات طيبة. ولا ريب في ذلك، فهي بعد تربيتها والاعتناء بها ذات أثر كبير في حياة البشرية الفردية والجماعية، تفعل الفعل الكبير في المجتمع، وتحمل الخير كله للزوج والأبناء والقريب والبعيد، وتساهم بما هيئت له في بناء الأمة وتحريك عجلة التغيير.
“حاجَةُ النِّساءِ إلى الرِّجالِ” لا تعني بِحالٍ أن يستغل الزوج ضعفَها الخِلْقيَّ فيُذيقَها من صنوف الفظاظة والخشونة ما يُرغم أنفَها في المهانة والإذلال. أو يجعلَ من “وظيفته” في الرعاية والحماية ذريعة لإسكات صوتها، وتسفيه رأيها. بل من الواجب دوام التذكير بأن القوامة بيتٌ فراشُه السّكَن، وغطاؤه المودةُ والتراحم، ونسيمه المعاشرةُ بالحسنى، وصلاحُه التغافل والمداراة. كيف للرجل القوام أن يعتديَ ويؤذيَ وهو بين أمرِ « استوصوا بالنساء خيرا »، ونَهيِ « لا تَكْسِرِ القَوَارِيرَ ». وكيف تميل به ريحُ الضجَر والحَنَق وهو يسمع الوصية النبوية : « خُلقت المرأة من ضِلَع، فإن تُقِمْها تكسرْها، فَدارِها تَعِش بها ».
كلمةُ “أسرة” مشتقة في أصلها من الأَسْرِ، والأَسْر لغة يعني القَيْد والربط، إلا أنه قيد اختياري يسعى إليه الإنسان، لأنه يجد فيه الدرع الحصينة، ويتحقق له من خلاله الصالح المشترك الذي لا يتحقق للإنسان بمفرده. فالأسرة نظام اجتماعي أساسي ودائم، وهي المحضن التربوي لحفظ الفطرة، وأساس وجود المجتمع، وهي مصدر الأخلاق
فيديو سلسلة مجالس تنوير المومنات للإمام عبدالسلام ياسين رحمه الله.
بتاريخ ماي 2002 الموافق صفر 1423…
في الفصل الـمُقبل إن شاء الله نتحدث عن القوامة. ونبدأ هنا في استكشاف وظيفة المرأة من خلال هذه الآية الكريمة، ومن خلال التكليف العام الشامل للزوجين الرجل والمرأة في خطابه تعالى العام: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. في الخطاب العربي يُغَلّب التذكير في الحديث عن الجمع.
أول ما نتبين من وظيفة المرأة في الآية الكريمة أنها حافظة للغيب. كلمتان توحي إحداهما بمفهومها أن هناك ما يضيع إن لم تحفظه، وتوحي الثانية بأن هناك غيبا وحضورا. لهذا وضعنا للفقرة عنوان «حضرة الحافظية» إشارة للمفهومين الأساسيين في المسألة.
من يعنُفُ على المرأة إلا رجل عارٍ عن المروءة ناقص في الدين؟ نقرأ رفق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء في كلمته لأنجَشَة حين حدا أنْجَشَةُ بِإِبِلٍ تحملهن، فأسرعت الإبل، فأشفق عليهن الرسول الرؤوف الرحيم وقال لأنجشة هذه الكلمة الرقيقة : «رفقا بالقوارير!».
حقوق المرأة، يوم المرأة، سنة المرأة، مؤتمرات المرأة، نضال المرأة…
يعالج الكتاب قضية المرأة المسلمة في شموليتها وارتباطاتها بمختلف القضايا الإنسانية…