منذ رُنان داعية الحرب الصليبية التي تحمل اسم «الاستعمار» تعززت في الغرب ديانة القانون، وحقوق الإنسان، وحق التدخل العسكري. بعد الاستعمار المباشر استعمار اقتصادي ثقافي شامل. و«التسامح» الغيور على احترام الإنسان يعطيك حرية الاختيار بين أمرين: إما أن تتحول عن دينك وهويتك لتندمج في دين الأقوى وإما أن تمحق محقا.دين الأقوى يتلخص من وراء نفاق […]
لن يدوموا إن شاء الله. الدائم الله ووعد الله سبحانه العزيز العلِيّ لهذه الأمة أن عدوّها لن يستأصلها، وأن طائفة من المؤمنين لن يزالوا ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك. جاء الوعد العزيز في الأحاديث النبوية الصحيحة.
إن الله سبحانه ينصر من ينصره، وإن رسالة الله إلى عبده محمد صلى الله عليه وسلم لا تنحصر في زمان ولا مكان. إنها امتداد لرسالات إخوانه الأنبياء قبله. لكنها رسالة شاملة تستغرق الزمان إلى يوم القيامة، والمكان والأجناس والأقوام. إنها رسالة للإنسانية خالدة. فلهذا تسمو دعوة الإسلام على كل دعوة، وتنتصر ولا بد ولو بعد حين. وكيف لا يَنتصر من ينصرهم الله ويكون معهم ؟ حيثما يكون الله ربا يكون جنده في حِمَى مَلِكٍ قوي عزيز. إن الأرض والسماوات ومن فيهن في قبضته.
خذَلَ الرأيُ العام العالمي مسلمي فلسطين، وطاح شعار “حقوق الإنسان” الذي لا ترتفع صيحاتُه إنْ تكلم اليهود. وخذَلهم إخوانهم المسلمون، عجزا لما هم تحته في مشارق الأرض ومغاربها من معاناة للحكم الجبري القومي اللايكي. فلا يدْرِي المسلم المتفَرِّج على مشاهد الخزي في شوارع القدس والخليل داهيَةَ موقفه وبؤسه حين يفرح وحين يصفق مع فرح الإعلام الرسمي وتصفيقه لبطولة أطفال فلسطين ونسائها المبْسوطين في المجزرة اليهودية، المعذبين في سجون اليهود.
إن الأمة لا يمكن أن تواجه تحديات الحاضر والمستقبل إن لم تجمع ما فرقته عصور الخلاف. وإنما يمكن ذلك بنصب الجسور، والتعاون الفعلي في جهود البناء، لتكون نتائج البناء المشترك حافزا على توحيد النظرة بعد حين. لا ينبغي أن نؤجل الحوار، ولا أن نستعجل الوفاق، ولا أن نيأس لما نراه خلفنا من أهوال تاريخية. فإن تحولنا عن المواقف العاطفية، وعمقنا معاني الرحمة الأخوية الجامعة، فعسى يأذن الله جلت قدرته برجوع المياه إلى المجرى الأول.
في القرآن الكريم ما يُلقي على أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المزدوج بالعصيان والتحري من سفك الدماء ضَوْءاً خاصا يكشف جانب القوة وجانب المضاء وجانب الفعالية أكثر مما يعرض جوانب الانتظار والاعتذار. قال الله تعالى يخاطب أولئك المؤمنين وكل المؤمنين: ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا
فالقراءة القرآنية للتاريخ كفيلة بأن تحصر آلام الحاضر وهزائمه ونكساته في أبعادها النسبية. لأن “القضايا” و”المشاكل” التاريخية تتحدد حسب هذه الرؤية انطلاقا من ظرف شاسع معقد -كما يحلو لمفكري ما بعد الحداثة أن يصفوه- وانطلاقا أيضا من الزمن. لهذا لا يمكن للنشرات الخاطفة أو المقتطعات الانطباعية الموصولة بالمستعجلات السياسية أن تربطنا حقا بالتاريخ. حذارِ إذن أن تقطع الأحداث وأفعال البشر وضرورة التدافع صلتنا بالمطلق وبالموعود الرباني.
في هذه الفقرة نورد نصوصا تتضمن تصريحات منشورة (لا نثقل بذكر مراجعها) لزعماء الصهيونية ومفكريها صدرت بعد البروتوكولات بما لا يدع مجالا للتشكيك أن هنالك إرادة منسقة وجهودا متضافرة. وكفى من نتائج المخطط الجهنمي قيام دولة في فلسطين تتكفل أعظم دول العالم أمريكا بأمنها وغذائها وتسليحها وتدمج اقتصادها في اقتصادها. كفى نتيجة أن يكون الستة ملايين يهودي في أمريكا هم المسيطرين على أبناك نيويورك وشبكات الصحافة والتلفزة والإعلان في أرجاء البلاد.
مقدر على هذه الأمة أن تتناوشها عوامل الانحلال الخلقي والاجتماعي على قدر انسلاخها عن الدين وابتعادها عن مثله العليا واتباعها في ذلك سنن اليهود والنصارى. من تدخين الفتن على القلوب والعقول تحقق اللقاء بين سنة الله وفعله المتعالي عن كل تحليل وبين تحرك العصبية الجاهلية، وهي من نزغات شياطين الجن والإنس ومن كسب الناس، فأنتج اللقاء أمراضا وعاهات تردّت بالأمة في مهاوي الانحطاط.
قال الله تعالى الرؤوف الرحيم يحذّرنا أمة محمد صلى الله عليه وسلم من مغبة نسيان الله والغفلة عن ذكره الـمُوَرثَـيْن لقسوة القلوب المعرضة لغضب الله ونقمته: ﴿وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾.
حب الشهادة في سبيل الله، وجعل الموت في سبيل الله أعز ما يطلب في ثقافتنا، في تعليمنا، في تربيتنا، في إعلامنا، في الهواء الذي نتنفّسه، والغذاء الذي نطعمه، هو الروح الذي ينتظر أن يسري في الأمة لتنهض من كبوتها التاريخية، ولتستحق الحياة، ولتستعصي على الأعادي، ولتنتصر، ولتنال موعود الله بالخلافة في الأرض.
مصيري الأخويُّ أنا المؤمن المسلم، وأنا المؤمنة المسلمة، عَلِمْتُ وأيقنت أن صلاحَه لا ينفَكُّ عن صلاح مصير أمتي في الدنيا. إن فسدَت حالَة أمتي في الدنيا، وهانت، ووَهَنَتْ، وتمزَّقَتْ، وتظالمت، وحكمت بغير ما أنزل الله، فمِن تقصيري أنا، ومن مسؤوليتي أنا. وإن نهضْتُ لأجاهِد مع المجاهدين لبناء دولة القرآن فلِنَفْسِي بَغَيْتُ الخير. وإن بذلت مالي ونفسي وغايةَ جُهدي لتقْوَى أمتي، وتعِزَّ، وتظْهَرَ على الأمَم مبلغة رسالة الله إلى الإنسان، ففي حَبْلِ نفسي أفْتِلُ.
كان عليه السلام ريحانةَ جده، وساعِدَ أبيه. شاركه في حروبه إلى جانب أخيه الحسن. فلما ولِيَ الحسنُ الإمامةَ بعد أبيه دخل في طاعته، وآزره، وحضر الشرط المشروط على معاوية عند الصلح. وبعد أنْ سَمُّوا الإمام الحسن بدأ اضطهـاد آل البيت. فقُتل أنصارُهم أمثالُ حُجْرِ بنِ عَدِيٍّ الصحابي. وقُطِعت أرزاقُ العَلَويِّينَ. وطُورِدُوا حين التفّوا حول الإمام الحسين بعد مقتل أخيه. فلما تولى يزيد بن معاوية الأمر عن بيعة كان فيها الإكراه، وانفتحت لِغِلْمة قريش أبوابٌ كان يُغلقها
ساحة الجهاد مدرسة، وعمليات الجهاد مَفْرَزَةٌ ومصفاة ومحَك لتخليص الصادقين من أهل دعوى الإسلام. مرَّ المجاهدون في صفِّ القتال بأفغانستان من امتحان مواجهة العدو الروسي الكافر فاستحقوا التأهيل للمرتبة الإحسانية، بقيت عليهم درجة لينالوا ويحظوا بالشهادة الكبيرة من الله عز وجل. الدرجة الباقية عليهم هي أن يوحدوا صفهم ويصرعوا وحش العصبية القبلية كما صرع الله بهم وحش الكفر. عندما يتجاوز المجاهدون من ذلك الشعب الكريم من الأمة ما ابتُليت به
هذا السبب هو جفاف القلوب من الرحمَةِ، وهي الرحِمُ الجامعة. نجد هذا السبب مطروحا واضحا إن قرأنا آيات الله عز وجل في القرآن وآياته في الكون وسنته في التاريخ قراءة ثُنائية قدَرية شرعيَّةً. القراءة التاريخية تشتغل بالنـزاعات في عالم الأسباب لا تتفتح عين قلبها لتُميّزَ مراتِب الـمُدْرَكَـات من آيات الله في الكون يقابِلُها ويكشف أسرارها آياتُه سبحـانه الشرعية الأمرية المنـزّلَة على رسله عليهم السلام. وإذاً فلا يكون القرآن دليلَ عمل لمن يقرأ هكذا.
تجاوزنا من الكتاب الاستعراضي الخرافات التي تسكن الخيال لنتفرغ في هذه الفقرة للضغائن التي تسكن القلوب القاسية، والنوايا العنصرية التسلطية التي حاكت في الماضي مخططات الإفساد في الأرض ولا تزال تحيك. تجاوزنا “الشامير” تلك الحشرة الصغيرة التي تشق الصخر بمجرد النظرة، والوحش الضخم، “البهموت”، الذي يرعى كل يوم حشيش ألف جبل، ذلك الوحش الذي أخصاه الله ليمنع توالده حتى لا يفسد نسله الأرض كلها. وتجاوزنا أنثى “اللفْيَتَان” التي قتلها الله فأحاطت جثتها بالأرض.