في السنة الإسلامية فَصّ يزين الزمن كما تزين الحُليّ الجواهر النفيسة. إنه شهر رمضان الكريم، صومه رابع أركان الإسلام، والضابط المتمم لضوابط الشهادتين والصلاة والزكاة، وهو شهر البركات والخيرات والتوبة والإنابة وطلب المغفرة والعتق من النار. رمضان منحة ربانية ومدرسة تدريبية نتعلم من خلالها تزكية النفس بالتقرب إلى الله والتخلق بمكارم الأخلاق، ووقاية الصحة وتغيير العادة.
رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران الذي أخبر فيه مبعوث الحق ﷺ بأن المحروم من أدركه ولم يغفر له، فالموفق السعيد من يسطر برنامجا يسير عليه في المدرسة الرمضانية ذات الأيام المعدودات، برنامج يشمل ما وجب تثبيته، وما وجب الاجتهاد فيه، وما وجب الامتناع عنه.
ما أشدَّ حاجة العبد المؤمن المخلص في مسيره إلى مولاه، إلى أن يختار الأزمنة الفاضلة ليخلو بنفسه، ويركن إلى زاوية الفكر والذكر يتأمل حاله، ونعمة الله عليه فيحمده ويشكره، في كنف أسرته وفي حضرة صحبة الصادقين الذاكرين المجاهدين في أوقاتٍ ومناسبات تُحيي فطرته وتُقوِّي صلته بمولاه. وإن مدار الأعمال على القلب، وأكثرُ ما يفسده تلك المشوشاتُ والشواغلُ التي تصرفه عن الإقبال على الله عز وجل من شهوات الطعام والشراب وفضول الكلام والنوم…
من أجل استشراف مستقبل الخلافة على منهاج النبوة يتعين على أبناء الحركة الإسلامية ربط الماضي بالحاضر مع استنباط الدروس و العبر من كافة الأحداث التي شهدها التاريخ.
من الأحداث العظيمة التي شهدها تاريخ الإسلام و المسلمين غزوة بدر الكبرى التي وقعت في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة . و قد تناولت كتب السيرة هذه المواجهة العسكرية بالتفصيل نظرا لأهميتها في تحديد مسار المسلمين منذ ذلك الحين .
الاعتكاف فرصة لنتعمق في أنفسنا وننظر في قلوبنا ما فيها؟ أي شيء فيها…
رمضان مضَيْتَ على عَجَلِ….لَيْتَ تَبْقَى العامَ بلا نُقَلِ
شهرَ القرآنِ هُدىً نَزَلَتْ….بينِّات الله على مهلِ
لرَفيعِ القَدْرِ محمدنا….وبِلَيلتِه حَفْلِ الرُّسُلِ
بَرَكاتُ الله بها هَطَلَتْ….ولِحِكْمَتِهِ خيرُ النُّزُلِ
وجهادٌ فيكَ مضَى مَثَلاً….في بدرٍ لنا أعلى المُثُلِ
أَعْتِقْ رَقباتِ الناس بِه….مولايَ وحَقِّقْ لي سُؤُليِ
سلوا أهلَ بدرٍ كيف فازوا على العِدا….فأصبح جمعُ المشركين مبَدَّدَا
أجل !كان أحبابي ببدرٍ أذلةً….ولكن نصر الله جاء مؤيِّدَا
بذا آية الأنفال تتلى لقلة….يلاقون في الميدان جمعا معددَا
تسابقتُمُ يا أهلَ بدرٍ بنجدةٍ….تَواردْتُمْ بالصّدق للموْتِ موْرِدَا
ولكنَّ سرَّ النفخ في حفنة الحصا….وجندٌ لأملاكٍ يجيء مُسَدِّدَا
بِذا كان للنصرِ المبينِ ظهورُه….وصار لواءُ الدين يَخْفُقُ مُخْلَدَا
سمو روحي يقترب بالصائمة حق الصيام من الملإ الأعلى. حق الصيام هو كف الجسم عن الماديات الممنوعة شرعا، وكذا الجوارح واللسان عن المعاصي، وشغلها بالعبادة لتضفي على القلب روحانية تنسيه أثقال الأرض ليتعلق بمعاني السماء. عن هذا الصيام الكلي يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فهُو لي وأنا أجزي به». الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه…
رابع أركان الإسلام، والضابط المتمم لضوابط الشهادتين والصلاة والزكاة. فتوحيد الله عز وجل، والإقرار له بالعبودية، خروج عن سلطان الهوى المتأله، الصلاة تحقيق لهذه العبودية بالخضوع لكيفياتها وأوقاتها، والزكاة تحرر من غريزة التملك، والصيام امتلاك للشهوة. فمن كملت له السيطرة على نفسه بحبسها في إطار الإسلام، وصبرها على تكاليف الإيمان، فقد تأهل للجهاد. والحج خامس أركان الإسلام وهو أحد وجوه الجهاد.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط في قُبَّة تركية على سُدَّتها حصير، قال: فأخذ الحصير بيده، فنحاها في ناحية القبَّة، ثم أطلع رأسه فكلَّم الناس، فدنوا منه فقال: ((إني اعتكفتُ العشرَ الأول ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفتُ العشر الأوسط، ثم أتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحبَّ منكم أن يعتكف فليعتكف))، فاعتكف الناس معه، قال: ((وإني أُريتها ليلةَ وتر، وإني أسجد صبيحتها في طين وماء))،
ولقد كانت عاتكة بنت عبد المطلب رأت رؤيا أفزعتها، وعظمت في صدرها…