رابع أركان الإسلام، والضابط المتمم لضوابط الشهادتين والصلاة والزكاة. فتوحيد الله عز وجل، والإقرار له بالعبودية، خروج عن سلطان الهوى المتأله، الصلاة تحقيق لهذه العبودية بالخضوع لكيفياتها وأوقاتها، والزكاة تحرر من غريزة التملك، والصيام امتلاك للشهوة. فمن كملت له السيطرة على نفسه بحبسها في إطار الإسلام، وصبرها على تكاليف الإيمان، فقد تأهل للجهاد. والحج خامس أركان الإسلام وهو أحد وجوه الجهاد.
أول خطى التربية التوبة ثم اليقظة. كانت التوبة في عصور الفتنة بعد الخلافة الراشدة الأولى عبارة عن التوبة من الذنب والمعصية، والتائب في مأمن وعافية، لا هم له إلا صراعهُ الداخلي ووخز ضميره ومعاملته مع الله، يُؤَرِّقُه هم الآخرة. في عهد النبوة والخلافة الراشدة كانت التوبة من الشرك والمعاصي هَمّاً مزدوجا، لأن الجهاد وواجبه وضروراته وحضور الموت واحتماله في كل خروج في سبيل الله تُكَوِّن ظروفا يلتحم فيها مصير الفرد بمصير الجماعة، ويتميز فيها المنافقون من الصادقين.
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ لَا يَرْحَمُهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ».
عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَرَاحَمُوا». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّنَا رَحِيمٌ. قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ صَاحِبَهُ، وَلَكِنَّهَا رَحْمَةُ الْعَامَّةِ».
إن الاقتصاد في السلوك معناه السير الحثيثُ المتواصل بين طرفي الإفراط في الحماس الكاذب الذي يظهر على المبتدئين في السير ثم يخبو ويضمحِلُّ، وبين التراخي المالِّ الـمُمِلِّ الآئل إلى التوقف والفشل. هذان الطرفان المذمومان يُعَبِّرُ عنهما النطق النبوي بـ”الشِّرّة” و”الفَترة”.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن لكل شيء شِرَّةً، ولكل شيء فَتْرَةً. فإنْ صاحِبُها سدد وقارب فارجوه. وإن أشير إليه بالأصابع فلا تَعُدُّوه”. أخرجه الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه ابن حبان.
من أنظمة الإسلام الخالدة نظام أسرى الحرب. العبد والأمة، الفتى والفتاة، تعابير قرآنية تُعرف الأسير والأسيرة تارة باسم العبودية المذلة وتارة باسم الفتوة التي ترفع من شأنهما. وفي الحديث النبوي سمي الفتى والفتاة من الأسرى في أيدينا إخوانا وخولا، وأمرنا الشرع بأن نطعمهم مما نطعم ونكسوهم مما نكتسي ونرفق بهم. عبدٌ وأمةٌ أذلهما كُفرهما وحربهما للمسلمين، ثم يدخلان تحت كنف أسرة ليكتشفا فيها رفق الإسلام وإحسان المسلمين، فتستيقظ فيهما الفتوة والشهامة، فيرجى عندئذ أن تكون معاملتنا الأخوية لهما مدعاة أن يدخلا في الأخوة الدينية،