

أخبرنا حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أن له في آخر الزمان إخوانا. فهي كلمة يهتز لها كل ذي لب وشأن. ويُرشح نفسه لها بالصدق الدائم والجهاد المستمر من رفع الله تعالى همته ليكون من الذين ﴿اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾. سورة المائدة، 95. هذا تحد لمستقبلك أخي.

يستحقون هذه الوراثة ويمكن الله لهم في الأرض إن هم طابقوا، وطابقت أعمالهم، وطابق إيمانهم، الوصفَ الذي وصف الله به نبيه صلى الله عليه وسلم في هذا البلاغ الإلهي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً}.2

يمر المريد من حيث نوعيةُ معاملتِه مع الله سبحانه بثلاث مراحل، قد يقف عند واحدة منها لا يتجاوزها، وقد تُطوَى له طيّاً كما يحدث للمراد الذي تحمله القدرة الإلهية على رَفْرَف العناية واللطف فلا يعرف مجاهدة ولا مراحل ولا غيرها إلا بعد الوصول، فيرجع وبصيرته نيرة ليستوفي آداب الطريق ويطَّلِعَ على معالم التوفيق.

نزلت علينا دلالة الله في القرآن: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، وتنزلت فينا دلالة رسول الله ﷺ حية بيننا، نموذجا شاهدا حاضرا، معلِّما هاديا رؤوفا رحِيماً صاحبا أسوة: «ألا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم؟». لم تَكن دلالة الرسول ﷺ ودلالة إخوانه من قبله من النبيئين مجردَ تبليغ، وإن كان التبليغ ركنا من أركان الدلالة، وإنما كانت مُعَايشةً وسياسة وتلَطُّفا وخفضَ جناحٍ وقيادةً آلت إلى اتباع وإيمان، ورفع الاتباع إلى محبة الشخص الرسول، ورفعت محبة الرسول إلى محبة الله، وأوجبت محبة الله عبده المتقرب بالفرض والنفل، ومن الفرض الآكد اتباع الرسول وحبه، مراتب الاصطفاء والفلاح.
كانت مطالبُ السياسة التعليمية تُسْمَعُ من خصميْن. أحدهُما وِجْهتُه الفرنكوفونية المنفتحة وحْدَها على العالم وعلى المستقبل. وثانيهما له طموحٌ قومي وعلى كاهله ميراثٌ وطنيٌّ ومسؤوليةٌ وطنية، فهو يتمناها منذ الاستقلال عربيةً تُعَمِّمُ التعليم، وتمحو الأمية، وتسلِّحُ العقولَ بالمعارف الضرورية العصرية. وهو يريدها مِنحةً من الدولة خالصةً مَجانية.