جماعة العدل والإحسان تحيي الذكرى الثانية عشرة لرحيل مؤسسها ومرشدها الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، وفاء لمشروعه التجديدي، وتعريفا به وبعطائه وسعيه لبناء مجتمع العمران الأخوي الذي يرتكز على قيم العدل والشورى والإحسان. وتتمحور فعاليات هذه الذكرى حول موضوع: الشباب وطوفان الأقصى.
تعد مرحلة الشباب أهم مرحلة عمرية تستثمرها الشابة في التحصيل العلمي، ليس فقط للتخلص من رذيلة الجهل، بل لاكتساب العلوم الكونية بما يسهم في تحقيق أمنها النفسي والاقتصادي والاجتماعي في مجتمع غلبت عليه النزعة الفردانية بفعل تأثير العولمة والتيار التغريبي. فالتمكين العلمي يحرر إرادتها من التبعية، ويكسبها الثقة بذاتها،
ندخل الدار العامرة بسلا، نتوضأ ونتضلع من مائها العذب الزلال، نغير ملابسنا، وغالبا ما كنا نستعير بعضها ليلة السفر،نسرع الخطى لنحظى بمكان قريب من سيدي عبد السلام أو مقابل له.كانت نظراته شفاء وكلامه دواء وابتسامته جنة. كنت أدون كلامه حرفا حرفا حرصا على نقله بأمانة لإخواننا ونحن سفراؤهم، حرص لا يصمد أمام التملي في ذاك الوجه الصبوح فتتخلى عن قلمك ووجودك لتسبح في عوالم أخرى ..
إن ارتباط العمق الإيماني والسلوك التدافعي بفتية شببة تعليم قرآني وهدي رباني عميق يلفت نظرنا إلى الضرورة الملحة للاعتناء بالشبـاب احتضانا وتربية وتعليما وتدريبا، فهم عماد بناء الجماعة المؤمنة ونصـرة الدعـوة وبناء الأمة، ومن خدامّ مستقبلها المشرق بإذن الله تعالى. ويتأكد الأمر بصورة أوضح بالنظر إلى ما تعيشه الأمة الآن في غزة وكل فلسطين، من تدافع بين الحق والباطل، فما نراه من مشاهد بطولية للشباب المؤمن بربه المجاهد في سبيله مدهش للغاية، فلئن ضرب شباب الصحابة الكرام رضي الله عنهم …
سَرْعاً تَمُوج بنا الأيامُ تَنْتَقِلُ…..في نَشْرِها عِبرٌ في طَيِّها مَثَلُ
في ضِمْنِها أثرٌ باقٍ لِمُتَّعظٍ ……أنَّ الفَنا قَدَرٌ عَيشُ الورى دُوَلُ
حِيناً نُعزُ به تَعْلو بَيَارِقُنا……أو نَنْثَنيِ وهَنًا نَقْفُوا ونَنْسَفِل
والوعدُ من أزلٍ من رَبِنا نَجِزٌ……أنَّ الظُهُورَ لِمَنْ يُبلى فَيَحتملُ
لا حاجة بنا أن نقف طويلا عند هذه الفرق البائد كثير منها. لكن نذكر أصول الخلاف الفكري الذي فصله الشهرستاني لأن المواضيع التي دار حولها الخلاف من طبيعة العقل المشترك الأصم الأبكم أن يضل فيها في كل عصر مثلما ضل عقل الأولين. ثم نرجع إلى أصل البلاء كله وهو ختم الله جلت عظمته القلوب، ومرضها. ومن مرضها أن تجد قوما في زماننا يتهمون كل مسلم لا يتطابق رأيه مع رأيهم أنه جهمي، وهو لم يسمع قط بما هي الجهمية ولا له نية ولا رأي ولا دراية بالخلاف في الصفات.
هذا النموذج هو سيدنا سعد بن أبي وقاص، الذي أوصى إليه، مع خمسة من الرجال، أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يكون أمرُهم شورى بينهم، بعد أن طعنه العِلْجُ أبو لؤلؤة. وكان لعمر مِعيارٌ لمعرفة الرجال، كان يقول: «المرء وغَناؤُه في الإسلام، المرء وسابقته في الإسلام، المرء وحظه من الله». وانظروا كيف ينطبق المعيار العُمَري على سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه! فقد أسلم سعد في ريعان الشباب وهو في السابعة عشرة من عمره، فهو مثال الشباب المحمدي.
نقرأ عن عائشة المحدثة المكثرة التي تتقدم فتسامي أكثر الصحابة جمعا للسنة ورواية لها وحفظا وتعليما. نقرأ عن عائشة المجاهدة التي كانت تنقُزُ قِرَب الماء تجري بها سريعة لتسقي جرحى أحُد وتواسيهم. نقرأ عن عائشة الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر التي كانت تنتقد أمير المؤمنين عثمان، نقرأ عن عائشة قائدة الثورة على الإمام علي كرم الله وجهه لما اجتهدت فأخطأت، ثم ندمت على خطإها وتابت في آخر حياتها واستغفرت.
تتشرف إدارة مواقع الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله بمناسبة ذكرى الوفاء الثانية عشرة،بتقديم النسخة المنقحة لتطبيق سور وآيات فاضلة بروايتي ورش وحفص رحمهما الله على هواتف الآيفون وأندرويد.
نسخة منقحة ميسرة تتيح الاستماع والحفظ بروايات متنوعة من الروايات المعتمدة في العالم الإسلامي، بأصوات قراء أفاضل، وهم: الشيخ الدوكالي محمد العالم رحمه الله (برواية قالون عن نافع) والشيخ العيون الكوشي حفظه الله (برواية ورش عن نافع) والشيخ عبد الرحمن بنطاهر حفظه الله (برواية ورش عن نافع) والشيخ نورين محمد صديق رحمه الله (برواية الدوري عن أبي عمرو) والشيخ عبد الرشيد صوفي حفظه الله (برواية السوسي عن أبي عمرو) والشيخ محمد صديق المنشاوي رحمه الله (برواية حفص عن عاصم)
ويعد كتاب “يوم المؤمن وليلته” على صغر حجمه من الأهمية بمكان؛ إذ يؤكد على حاجة كل مسلم إلى برنامج عملي يومي يضبط أوقاته، ويساعده في تجديد إيمانه وتقوية علاقته بربه، وترتيب علاقاته مع الآخرين، وتذكيره بأن يحسن استثمار الوقت في التقرب إلى الله تعالى بجميع أعمال البر والخير؛ عبادة ومعاملة وأخلاقا، وأن يدوم على ذلك حتى ترسخ قدمه في زمن العبادة والإقبال على الله عزل وجل بكُليته، طلبا لرضاه وفضله في الدنيا والآخرة. فإن عمر المؤمن رأس ماله، وما بين ميلاده وموته فرصة للعمل استعدادا للقاء ربه، لذلك عليه أن يعرف ما يتطلبه الوقت من عمل القلب واللسان والجوارح ويتحراه ويجتهد في القيام به حتى يقع موقعه من الموافقة للمقصود، ومن القبول عند الله عز وجل.
في مثل هذا اليوم 13 دجنبر 2012 أسلم الإمام عبد السلام ياسين الروح لبارئها سبحانه، بعد مسيرة موفقة غنية بطلب وجه الله، حية بالجهاد
والعطاء العلمي والتربوي والدعوي، كان من ثمارها البارزة انتظام الآلاف من المؤمنين والمؤمنات في فلك جماعة ومدرسة العدل والإحسان في أقطار شتى من العالم. لله الحمد والمنة.
وفور سماع خبر الوفاة، حج بيته بالعاصمة الرباط الآلاف من محبيه ومن العلماء والدعاة والمفكرين والسياسيين، من المغرب وخارجه، لتقديم واجب التعزية والمواساة للعائلة الكريمة ولجماعة العدل والإحسان.
مقتطفات مرئية من الندوة الفكرية حول موضوع “الشباب ورهانات البناء والتحرير” التي نظمتها الجماعة يوم الأحد 8 دجنبر 2024 في سلا، بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لرحيل الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله.
استهلت الندوة الفكرية بكلمة افتتاحية للسيد الأمين العام لجماعة العدل والإحسان الأستاذ محمد عبادي حفظه الله، بعد ذلك قارب الأستاذ زياد بومخلة الكاتب والباحث السياسي نائب الأمين العام للائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين قضية الشباب اليوم بالتأكيد على أن الاستبداد أصل كل داء ولا فرصة للتعايش معه…